الكاتب أحمد يدك
الكاتب أحمد يدك

أحمد يدك يكتب | أسراب البوم الإلكتروني!

بقلم | أحمد يدك:

منذ وقوع حادثة قطاري سوهاج أواخر شهر مارس الماضي، صاغت معنويات المصريين حالة بيانية ما بين صعود وهبوط، في رأيي هي الأغرب علي الإطلاق بالنظر إلي مدة تسلسل أحداثها التي لم تتعد شهرًا واحدًا، ربما يمكن من خلالها استخلاص الشواهد الكافية علي جولات “النِزال المعنوي” التي خاضها الشعب المصري، نال فيها الطرف الآخر ما ناله من معنوياته في أولي جولات هذا النزال.

ففي كل الأحداث التي وقعت في هذه المدة كانت أسراب الغربان والبوم الإلكتروني – عشاق اللطم في الجنازات – حاضرة بنواحها وعويلها علي صفحات التواصل الإجتماعي، الذي لم يُفهم الغرض من استمراره بعد انتهاء أزمة الحادث الأليم الذي اعتصر قلوبنا جميعًا، وحتي في أثناء عرض الموكب الملكي المهيب مطلع الشهر الجاري، سوي الرغبة في تعكير فرحة المصريين بالصورة المشرفة التي بدت بها مصر في ذلك اليوم أمام العالم، وتكدير أجواء مباهاة شعبها بإرثه الحضاري، الحدث الذي غاب عنه كل شيئ وكان حب الوطن هو الحاضر الوحيد، واختفت فيه كل المظاهر باستثناء مظاهر الفرح والإبتهاج.

ومع انشراح صدور المصريين وكل شعوب الأرض المُحبة للخير والسلام بالأصداء التي حققها عرض موكب المومياوات الأسطوري، امتلأت قلوب الطرف الآخر بالحسد والغيرة واكتظت بمشاعر الحقد والغيظ من الإنجاز الدعائي لمصر، فانطلقت أسراب البوم الإلكتروني محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه من صروح اليأس والإحباط  التي شيدت سنوات الدعاية المضادة قوائمها بنفوس المصريين؛ ففي دقائق اهتزت أركانها علي ألحان “مهابة إيزيس” وخسفت بها “متون الأهرام”، فاعتلي بالنحيب أصوات الغربان علي الفقراء وأصحاب العوز وما أكثرهم، بدعوي أنه كان الأولي إنفاق تكاليف الإحتفال عليهم!

وبطبيعة الحال فإن موجة الدفاع عن الفقراء التي صاحبت الإحتفال لم تكن هي الغاية الأساسية بقدر ممارسة التشويش علي النجاح المُبهر والتغطية عليه، وإلا فلا منطق لدي أي دولة لإقامة أي احتفال إلا بعد القضاء علي الفقر، وهو ما لم ولن يحدث!

وهي ذات المحاولات التي تزامنت مع زيارة الرئيس التونسي قيس سعيد إلي مصر التي انبهر الشعب التونسي بمراسم الإستقبال الفخمة التي نُظمت له في مستهلها، والتي عكست قوة الدولة المصرية، ليبدي بعدها التونسيين الرغبة في حدوث قفزة تنموية في بلدهم كتلك التي تشهدها مصر حاليًا، خصوصًا بعد إذاعة مشاهد الزيارات التي أجراها الرئيس التونسي للعاصمة الإدارية الجديدة وغيرها من المواقع، والتي قابلها خروج بعض الشخصيات المحسوبة علي التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية فرع تونس للتشكيك في جدوي الإنجاز المصري علي اعتبار أنه تم في ظل حكم ديكتاتوري – بحسب ادعائهم – بفرض أن تونس تعيش أبهي عصور الديمقراطية والحرية علي يد حركة النهضة الإرهابية، وهم أكثر من يعلمون أن الحرية التي تُمكن الإرهابيين من تصدر المشهد السياسي هي حرية مزيفة، وأن هذه النوعية من الديمقراطية ليست سوي ديمقراطية معيبة يشوبها العوار والنقص!

وربما تُعتبر المسألة القدرية في انعدام الجاذبية لبعض الأطراف في الفضاء السياسي وافتقادهم لأي وزن في فلك المجتمع الدولي، الباعث الرئيسي علي محاولاتهم إظهار الذات وإثبات الحيثية من خلال مناطحة الأمم الكبري والكيانات الفاعلة والأساسية علي المسرح العالمي، لذلك لا أستغرب جهود بعض هؤلاء للإنتقاص من أي مكتسبات تحققها مصر تحت أي مبرر من المبررات، والهدف بالطبع هو سلبها الحق في امتلاك أي مقومات تؤهلها إلي بلوغ المكانة التي تستحقها، ومصادرة أدواتها التي تُعبر عن حقيقة حجمها، والسطو علي دورها الرائد والمحوري لجعلها أمة عاجزة، مجرد مادة للتندر والسخرية ومثالًا علي الفشل والضعف.

ولعل العالم يفتقد لدولة تُطالَب باستثمار إرثها التاريخي من أجل تحقيق قيمة مُضافة لاقتصادها، وعندما تنظم حدث علي مستوي عالمي تُرمي باتهامات عدم الرشد وضعف اللياقة الإدارية! وتُدعي لمجاراة العالم في صيحات البناء والتشييد، وعندما تؤسس المدن الذكية ذات الأجيال المعمارية الحديثة، تُدان بأنها تصنع مجتمعًا للنخبة! وتُكلف بحماية مقدراتها بشرق المتوسط وحفظ حقوقها المائية وتُقَابَل صفقات رفع قدراتها العسكرية بالرفض والإستنكار! ويُلتمس منها تحديث بنية مواصلاتها وعندما تتعاقد علي أحدث منظومة قطارات في العالم تُطعن بتبديد مواردها!

الغريب أن كل هذا التناقض يتم تحت شعارات المعارضة، ذات الشعارات التي أعطوا بها الحق في حمل السلاح في اعتصام رابعة العدوية واستهداف رجال الأمن في واقعة الفض التي تناولتها الحلقة الخامسة من مسلسل الإختيار-2، والتي ارتفعت بها معنويات الشعب المصري، بعد تذكيره بحجم الخطر الذي كان يحيط به، وهي الحالة المعنوية التي أرادت أسراب البوم الإلكتروني اغتيالها، فوجدت ضالتها في حادثة قطار طوخ للتحليق في أجوائها المشحونة بالشد والغضب، واستثمارها في إحداث هجمة معنوية مرتدة للهبوط بمؤشرات الحالة النفسية للمصريين، وأنا هنا لا أُحمل مسئولية الحادث لطرف بعينه، وإن كنت لا أستسيغ مسألة التكرار المُفاجئ لحوادث القطارات وفي هذا التوقيت! ودخل معها علي الخط إقدام تنظيم داعش الإرهابي علي إعدام ثلاثة مصريين في سيناء لبث الذعر والخوف في نفوس المصريين.

ختامًا..تسائلت مؤخرًا إحدي إناث الغربان عبر تعليق علي فيديو بثته قناة دولية لموكب الموممياوات الملكية، قائلة: “تبدو صورة مبهرة ومضيئة لبلد خالٍ من المشاكل وخالٍ من الفقر وخالٍ من الشعب أيضًا، متي سيغيب الفراعنة عن بلادنا ويحضر المصريون؟”..وأقول لها عبر هذا المقال: “وهل هناك بلد خالٍ من المشاكل والفقر؟ الأحري أن هناك نفوس لا تخلوا من الضغينة والبغضاء والحقد والخصومة! كالبوم والغربان لا يستهويها غير النعيق علي ركام الدمار والخراب! ليرحل المنغصون وكل من يستكثرون علي المتعبين والكادحين لحظات الفرح والإستبشار! ليرحل كل من تهزهم أوقات الإعتزاز بالأوطان وتربكهم مظاهر الشموخ والوجاهة والشرف! ليرحلوا عند من يصفوننا بـ”الفراعنة” وعند من يستسيغون خلو الأوطان من شعوبها بالقتل والإغتصاب والتشريد!

… إرحلوا عنا!

 

عن زوايا الأخبار

شاهد أيضاً

الهجرة غير الشرعية | بدائل آمنة

وزيرة الهجرة تستعرض تقريرًا عن منجزات المركز المصري الألماني للوظائف والهجرة وإعادة الإدماج السفيرة سها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *