بقلم الاعلامية دكتوره: ماجدة عبد العال
في الوقت الذي تتسابق فيه المؤسسات الإعلامية الخاصة على جذب الجمهور بتقنيات حديثة، ومضامين مواكبة، وصناعة إعلامية تقترب من المعايير العالمية، يقف مبنى ماسبيرو – أحد أعرق قلاع الإعلام في العالم العربي – متآكلًا من الداخل، مثقَلًا بمشكلات إدارية ومهنية باتت تهدد وجوده في مشهد إعلامي يتغير بسرعة الضوء.
ثقة بلا كفاءة… والمحسوبية عنوان
لم يعد خافيًا على أحد أن التعيينات في قطاعات الهيئة الوطنية للإعلام( اتحاد الإذاعة والتليفزيون سابقا) باتت تخضع في كثير من الأحيان لأهل الثقة والقرابة بدلًا من الخبرة والكفاءة. مشهد توزيع المناصب أشبه ما يكون بغنيمة يتم تقاسمها بين المقرّبين، حتى وإن كانوا بلا سابق تجربة في الإدارة الإعلامية أو الإنتاج التلفزيوني. والنتيجة؟ برامج مكررة، نشرات تفتقد للرشاقة، وضعف صارخ في اللغة والمحتوى.
مبنى ماسبيرو منارة منطفئة
الجيل الجديد من المشاهدين لم يعد ينتظر موعد النشرة الرسمية من القناة الأولى، بل يلجأ لمنصات الإعلام الخاص أو الرقمي بحثًا عن المعلومة بسرعة واحتراف. أما العاملون في ماسبيرو، فكثير منهم يعاني من الإحباط المهني، وسط غياب فرص التطوير، وقرارات عشوائية تصدر من قيادات لا تعرف عن الإعلام سوى لقبه الوظيفي.
إعلام حكومي مأزوم
في ظل هذا التفاوت، يبدو إعلام ماسبيرو كيانًا عالقًا بين الماضي والحاضر، يُدار بعقليات لم تواكب تغيرات العصر، ويعاني من ترهّل هيكلي وإداري، ما أفقده القدرة على المنافسة، بل وجعل كثيرًا من كوادره الشابة تسعى للهروب بحثًا عن بيئة مهنية أفضل.
الشركة المتحدة نموذج مغاير للنجاح
على الجهة الأخرى، تشهد الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية – التي تدير عددًا من القنوات الخاصة – تطورًا ملحوظًا في الأداء الإعلامي، بدءًا من نشرات أخبار دقيقة واحترافية، مرورًا ببرامج حوارية ذات محتوى ثري وتقديم متميز، ووصولًا إلى دراما تمزج بين الجودة والواقعية. والسبب واضح.. إدارة احترافية، استثمار في الكوادر، واعتماد على قيادات تعرف الإعلام وتفهم الجمهور.
أين الحل؟ الإنقاذ ممكن، لكنه يتطلب:
• تطهير إداري حقيقي داخل ماسبيرو.
• إعادة هيكلة تعتمد على الكفاءة لا الولاء.
• استثمار في التدريب والتكنولوجيا.
• رؤية إعلامية واضحة تضع الجمهور أولًا.
ماسبيرو لا يحتاج إلى الشفقة، بل إلى إرادة حقيقية تعيده إلى مكانته، لا بوصفه رمزًا تاريخيًا، بل مؤسسة تنافس بقوة في السوق الإعلامي. أما استمرار سياسة أصحاب الثقة والحبايب، فلن ينتج سوى مزيد من الانحدار، حتى تختفي تلك المنارة العريقة من ذاكرة المشهد الإعلامي المصري والعربي.
magy-news@hormail.com