الصراع التركي في سوريا وليبيا

الصراع التركي في سوريا وليبيا ,, اتفاق البدايات وإختلاف المآلات

القاهرة | تايم نيوز أوروبا بالعربي – أحمد علي

يبدو الصراع التركي في المنطقة لتفكيك النظام الإقليمي العربي كما جرت العادة في تحليل السلوك التركي لم يتأتى وفق ما تشتهي السفن التركية , في ضوء التحولات الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط وخاصة التي تمت في النظام الإقليمي العربي التي كان مقرر لها أن تفرز نظام شرق أوسطياً,  يحل فيه التحالف الثلاثي بزعامة مثلث التوتر في المنطقة التركي الإيراني الإسرائيلي , وحل جامعة الدول العربية بعد أن تنضوي تحت المنظمة الجديدة الدول العربية تحت قيادة الثلاثي المذكور .

يظهر من خلال تحليل السلوك السياسي التركي في المنطقة استغلال حالة الفوضى الدولية لفرض أمر واقع في مناطق التوترات لتنفيذ الأجندة التوسعية التركية التي وضعها مهندس السياسة الخارجية ووزير خارجيتها الأسبق أحمد داوود أوغلو في كتاب “العمق الإستراتيجي” والذي يعني بتوسيع دائرة النفوذ التركي على محيطها المائي على كافة الإتجاهات الإستراتيجية ,, وهي الإستراتيجية التي تبناها حرفيا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان , هي ذاتها التي يمكن من خلالها تفسير السلوك التركي في المنطقة واسباب التدخل التركي في سوريا وليبيا والتي تعللت فيها بحجج لم تحظى بقبول المجتمع الدولي , لاسيما بعد التغيرات التي حدثت في المنطقة الأورومتوسطية بصعود قوى أخرى فرضت نفسها على اجندة السياسة الدولية والمتمثلة في صعود مصر كقوة سياسية واقتصادية في منطقة شرق المتوسط والتي استطاعت إجتذاب معها عدد من القوى الفاعلة في المنطقة الأورومتوسطية مثل فرنسا خاصة بعد التفاهمات التي تمت شرق المتوسط والتي تمحورت حول حقول الغاز والنفظ .

في نفس السياق تبدو التفاهمات التي تمت شرق المتوسط والتي تعارضت كليا مع المصالح التركية شرق المتوسط بخصوص ملفي سوريا وليبيا , إضافة للمنظمة الإقليمية التي كان من المقرر لها بقيادة الثلاثي تركيا وايران واسرائيل , لاسيما وأن الجانب الإسرائيلي دخل ضمن التفاهمات الأحدث شرق المتوسط بإعلان قيام منظمة غاز شرق المتوسط والتي انضوت تحتها إسرائيل مع بداية انشاء منتدى غاز شرق المتوسط , وهو ما يؤثر بالتالي على الخطط الإستراتيجية التركية في المنطقة على صعيدي صراعات الطاقة شرق المتوسط والنظام الإقليمي العربي الذي كان من المقرر إحلاله بمنظمة الشرق الأوسط ,

تركيا لعنة الجوار :

تعد قضية الجوار التركية للأراضي السورية من أكثر اسباب تفاقم الأزمة التي دخلت عقدها الثاني بينما لا يبدو أن هناك بوادر حلول في ضوء تشابك المصالح الدولية وارتباط القوى الدولية بالاراضي السورية , خاصة مع ارتباط الأهداف التركية بالتدخل في سوريا .. وتتمحور الأهداف التركية في سوريا حول :

الرغبة التركية في أن تصبح جزء من عملية  التسوية بعد انتهاء الأزمة بإعتبارها قوة إقليمية فاعلة في المنطقة , وهو ما يزيد من النفوذ التركي في المنطقة وهو ما يتناسب مع الإستراتيجية التركية الساعية لتقديم نفسها كبديل للدور الأمريكي في المنطقة .

ثانيا اللعب بورقة اللاجئين كورقة ضغط على الجانب الأوروبي لابتذاذه للخضوع للرغبة التركية بخصوص ملف الإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي من ناحية إضافة لتحييد الإتحاد الأوروبي عن ملف النزاعات التركية القبرصية واليونانية شرق المتوسط .

ثالثا استمرار السيطرة على المناطق الحدودية التي احتلتها مع بداية الأزمة عفرين،وجرابلس،وأعزاز،وجنديرس،وراجو،وشيخالحديد , لضمان تقييد التحركات العسكرية الكردية .

رابعا والأهم هو تأمين إمدادات الغاز القادمة من قطر وإيران عبر الأراضي السورية إلى تركيا , وهو المشروع الذي أطاح به التواجد الروسي في سوريا لضمان استمرار تدفق الغاز الروسي إلى القارة الأوروبية , إضافة للتفاهمات التي تمت بين دول شرق المتوسط عن طريق منتدى غاز شرق المتوسط والذي انتهى بمنظمة غاز شرق المتوسط  ,, مثلت هذه العوامل مجتمعة حجر العثرة أمام المشروعات التركية التي كانت تهدف إلى زيادة زيادة تدفقات الغاز لتركيا عبر خط الغاز القادمة من روسيا إضافة للغاز القادم من إيران وقطر الحليف التركي .

في الفترات الأخيرة مع بداية التفاهمات في المنطقة الأورومتوسطية بدأت تظهر الخلافات التركية مع القوى الدولية على الأراضي السورية حول الملفات الرئيسية في سوريا خاصة المتعلقة بكيفية تعاطي القوى الدولية مع قضايا الإرهاب والجماعات المسلحة داخل الأراضي السورية خاصة , حيث سعت فرنسا في تلك الأثناء لدعم التفاهمات بينها وبين قوات سوريا الديموقراطية لمواجهة تنظيم داعش الذي بدأت تستفحل قوته داخل سوريا , وعليه ردت تركيا أن فرنسا بدأت تنحو جانب النظام السوري في مواجهة الأهداف المعلنة لقوى التحالف الدولي الموجودة في وسوريا , فيما أعلنت فرنسا أن التمدد التركي داخل سوريا يزيد من التوتر ويعمل عل إطالة أمد الأزمة وأن التدخل التركي في سوريا وصل إلى حد تحويل الهوية السورية إلى الهوية التركية بالمخالفة للقوانين الدولية ,, بينما تتزامن هذه الخلافات التركية مقابل القوى الدولية في سوريا مع تصاعد الخلافات التركية الأوروبية حول ملفات الطاقة في منطقة شرق المتوسط وخاصة المتعلقة بالجانب الأوروبي قبرص واليونان .

ليبيا على خط الأزمة بعد التقارب مع تركيا

كما جرت العادة في السياسة الخارجية التركية أن تذهب للتدخل في شئون الدول وفق توافر حالة الفوضى , هو ما جعل ليبيا مسرحا خصباً للخطط السياسة التركية التوسعية لا سيما بتوافر الإمدادات المالية القطرية وعناصر المليشيات الواردة من سوريا , وهو ما دفع المنطقةلمزيد من التصعيدات على كافة الاتجاهات وبدد كل المساعي العربية والأوروبية والدولية لتسوية الأزمة الليبية .

برغم تشابه الأهداف التركية في لبيبا مع شقيتها العربية سوريا في مسئلة الأهداف التوسعية الا أن هناك بعض الأهداف التركية التي انفردت بها بخصوص التدخل في ليبيا .

بداية يمكن الأشارة إلى اوجه التطابق في الاهداف التركية في لبيبا وسوريا , ثم عوامل الإختلاف لتي أدت الى إختلاف المآلات في النهاية ,  وهي كالتالي .

اولا اوجه التشابه :

تتفق الأهداف التركية بخصوص التدخل في الشأن الليبي والسوري في :

اولا الرغبة التوسعية التركية لمد نفوذها خارج حدودها الجغرافية بناء على الإستراتيجية التي وضعها أوغلو المسماه ب”العمق الإستراتيجي ” لتحقيق المصالح الأقتصادية التركية خاصة في المناطق التي تحتوي علىالثروات والموارد التي حرمتها الطبيعة منها .

ثانيا ارتباط الدولتين بنظام إقليمي واحد وهو النظام الإقليمي العربي الذي سعى الثحالف الثلاثي تركيا وإسرائيل وإيران لتفكيكه وإحلاله بمنظمة الشرق الأوسط , وهي الجهود التي بددتها التفاهمات شرق المتوسط بقيادة مصر تحت منظمة غاز شرق المتوسط .

الا ان ما تنفرد به الأهداف التركية بخصوص التدخل في الشأن الليبي هو البعد المتعلق بالمساعي التركية لإجبار الدول الأعضاء في منتدى شرق المتوسط على قبول تركيا عضوا في المنتدى وهو ما يمكنها من تحقيق جزء من استراتيجية تمديد النفوذ التركي على أوروبا بأن تظل هي محور تصدير الطاقة لأوروبا , وهو ايضا ما دفعها مسبقا لتوقيع مذكرة التفاهم مع حكومة الوفاق في 27 نفمبر 2019 بتعيين الحدود البحرية بين تركيا وليبيا بالمخالفة لإتفاق الصخيرات 2015 الذي يمنع حكومة الوفاق من إقامة اتفاقيات دولية بدون موافقة البرلمان الليبي , وهي ايضا الحدود التي تتقاطع مع حدود الدولتين المصرية واليونانية في المياه الإقتصادية للدولتين , والتي انهتها دول المنطقة بتوقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر واليونان في السادس من اغسطس 2020 والتي اودعتها في حينها الأمم المتحدة لتصبح سارية المفعول وبالتالي يمكن إعتبار الإتفاق التركي مع حكومة الوفاق كأنه لم يكن .

وعلى نقيض ما يصف الجوار التركي بسوريا بلعنة الجوار يمكن وصف الجوار المصري لليبيا بفضل الجغرافية , لما فرضته حالة الجوار من تغييرات في مسارات التدخل التركي في ليبيا واعتبار ليبيا جزء من الأمن القومي المصري الذي لا يسمح بتهديد أمن الدولة المصرية وبالتالي وفقاً للمفهوم المصري للأمن القومي المصري فإنه يجب تسية الأزمة الليبية بكافة الوسائل المتاحة للدولة المصرية ,, وهي التي افضت لتقييد التحركات التركية داخل الأراضي الليبية ,, وهي التي أفضت في النهاية تقرير مقاربات سياسية أقرب إلى التهدئة وتأطير الخلافات الليبية التي ساهمت تركيا في تصعيدها داخل إطار مقاربة الحل الليبي الليبي دون تدخل أجنبي لتوجيه مسارات التسية إلى سبيل المصالح الأجنبية وخاصة التركية .

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

«حسام هيبة».. هل يخلف د. «مدبولي» في رئاسة مجلس وزراء مصر ؟!

شهدت بورصة توقعات المرشحين لرئاسة مجلس وزراء مصر الجديد، مؤخرًا؛ صعود عدة أسماء تصدرها اسم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *