كتب مدير مكتب القاهرة | عباس الصهبي
تابعت «تايم نيوز»، مؤخرًا؛ حوار الكاتب الصحفي الكبير عماد الدين أديب مع زعيم معارضة الكيان الصهيوني خلال زيارته لعاصمة دولة الإمارات العربية.
وفيما انهالت تساؤلات كثيرة على مكتب القاهرة، ثقةً من أصحابها في موقف «تايم نيوز» المشهود بحياديته الإعلامية والصحفية الدولية التامة والكاملة؛ فإن أغلب التساؤلات دارت حول مغزى الحوار، وفي هذا التوقيت بالذات، وفيما إذا كان الكاتب المصري الكبير: قد “أخطأ” أم “أصاب”؛ أمّا التساؤل الأكبر؛ فكان:
– هل وقع الكاتب الصحفي الكبير، نتيجة هذا الحُوَار؛ في الفخ؟ !
وحتى يحكم من وجهوا هذا التساؤل “الخطير”، وبأنفسهم على حقيقة ما حدث وأغضب ملايين العرب في كل مكان؛ فإنه لابد، أولًا؛ من إدراك أن كل هذا “الغضب” ما كان ليشتعل أصلًا لولا قيمة وقامة “عماد الدين أديب” الوطنية المعروفة ومواقفه القومية الداعمة، وعبر سنوات عطائه الفكري السياسي الطويلة، حول معظم قضايا الشعوب العربية العادلة خاصةً فيما يتعلق بقضية العرب الأولى: قضية حقوق شعب فلسطين العادلة.
وثانيًا؛ فإنه من المفروغ منه؛ “الآن”- وبكل أسف أسيف- أنه بات من المعروف أن لكل دولة عربية” “مصالحها الخاصة”، تعمل جاهدةً على تحقيقها؛ حتى وإن تعارضت هذه المصالح مع مصالح شقيقتها حتى ولو في الخليج العربي ذاته، كما نرى في جوهر علاقة المصالح بين الجارتين العربيتين الشقيقتين: الإمارات والسعودية، على سبيل المثال؛ وكأن «المنافسة الإيجابية»، والمطلوبة لتوسعة “رُقعة التقدم والنجاح” بين الدول “تتعارض مع بعضها”؛ عكس ما نشهد مثيلاتها في دول الاتحاد الأوروبي، الآن؛ حيث “التنافس الحضاري” لا يتعارض مع “المصالح القومية المشتركة”!
وثالثًا؛ وكما هو معروف وواضح فإن ” سكاي نيوز” وككل المؤسسات الإعلامية الدولية لها بالتأكيد سياستها ومواففها وحملاتها الإعلامية، الخاصة بها؛ وإن كانت بالضرورة تظل داعمة في جانب منها للدولة التي أنشئت بها، وبحكم الانتماء الوطني على الأقل؛ فتتبنى مصالح “الدولة الأم” بطبيعة وجودها- الوجودي- فيها!
ورابعًا؛ فإن زيارة يائير لابيد، رئيس المعارضة في الكيان الصهيوني، وإن كان حزبه ليس في الحكم حاليًا، إلى دولة الإمارات؛ ما يجعل زيارته غير رسمية في جوهرها؛ فإن “مرارة خبرة الوعي العربي المستنير”، سواء في ظل التطبيع، أو بدونه؛ مع أحزاب الكيان المحتل؛ تؤكد أن “مدى الاختلاف التكتيكي” ببن كل هذه الأحزاب “أقصر” في مداه نحو “الاختلاف الاستراتيچي”؛ إذْ يؤكد ذلك حديث لابيد نفسه مع الكاتب الكبير؛ ما جعله يبدو للعرب- ربما- “أكثر تطرفًا” رغم هدوئه وعقلانيته حتى من “صقور” الحزب الحاكم المتطرف؛ باعتباره يؤيد، وبمبررات أقوى، وحجج يلوي أعناق الحقيقة فيها لتبدو أكثر منطقية حتى من مبررات “الصقور الإجرامبة الجارحة”؛ في قتل ما يزيد على 100 ألف فلسطيني في غزة والضفة الغربية، حسب أحدث التقارير الموضوعية الأوروبية، وتدمير كل “البنى التحتية” الغزَّوية، من ماء وكهرباء وغاز؛ أملًا في أن ييأس أهلنا البواسل في غزة ويدفعهم ذلك للتسليم بقبول التهجير إلى أي مكان ينقذهم من جحيم الحياة بأرضهم السليبة!
لا يبقى إلا: خامسًا، وأخيرًا؛ هل كان “بعيدًا” عن بال وفكر “الكاتب الكبير” المعروف برؤيته البانورامية الشاملة، والمفرطة التحليل الذكي لكل تطورات أحداث مصائب العرب؛ أن ذلك الـ”لابيد” ما أتى إلى دولة الإمارات، في زيارته “غير البريئة ولا المُبَرَأة من الشبهات” إلا لتحقيق ما ظنه “هدفًا إعلاميًا” يسعى من خلاله لإقناع القوميين الإماراتيين، ليكونوا “قدوة” لـ”بقية العرب” وبكل مكان في الاقتناع بمبررات جرائم الكيان المحتل الكارثية؛ مستغلًا ما قد ظنه “بعض العرب الغافلين” من أن إسرائيل بات من حقها الآن أن تغسل أيديها الإجرامية القذرة من مجازرها في فلسطين باعتبارها حاربت عن العرب- في ظن “ذلك البعض”- أي”حاربت بالوكالة” في الخليج لـ”تقليم أظفار إيران” التوسعية في الخليج؛ مع ما بات معروفًا للعالم، وليس للعرب وحدهم؛ من أن حربها على إيران إنما كان، أصلًا وفصلًا؛ لـ”فزعها وهلعها” من تنامي “القوة النووية لإيران”؛ والتي لو استعملت سلاحها فمعروف من سيكون أول من تهدده به؟!!
إذن، “الفخ الصهيوني”؛ لا يطال الإمارات، ولا حتى “سكاي نيوز”؛ فمن الذي “طاله”؟!! إنه الذي أجرى الحديث، وإذا كانت “سكاي نيوز” أرادت بحسن نية تكريمه كالمعتاد من خلال تقديمه لإجراء حوار من إعداده وتقديمه مع كبرى ما تستضيفه على شبكتها الدولية من الشخصيات العالمية؛ فقد كان بوسع كاتبنا الكبير الحفاظ على نجوميته من غضب الجماهير المحبة له بـ”الاكتفاء” بإعداد أسئلة الحوار، ليقوم بإجراء الحوار أي مذيع أو ضيف آخر في الشبكة؛ مع التركيز في أسئلته على ما اعتدناه منه من أسئلة “أقوى”؛ من قبيل: ماهو موقفك يا” يائير” من عملية “عربات جدعون” الإسرائيلية لإبادة غزة واحتلالها؟!!
ولماذا لم يسأل الكاتب الكبير نفسه: هل لو نجح زعيم المعارضة في زيارة مصر، ومعروف أن هذا في حد ذاته قد بكون ممكنًا؛ لأنه وكما هو معروف فإن الرئيس السيسي قد سبق وقابله عندما كان يرأس الوزارة الإسرائيلية، ببنما يرفض حتى اللحظة مقابلة نتنياهو الملوثة يداه بدماء الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ فلسطين ما لا يزال يغيظ الأخير من مصر وقائدها حتى الآن..
أجل.. هل لو زار زعيم المعارضة إياه مصر؛ فهل يمكن أن يجري مثل هذا الحوار، أو حتى أي “حوار خاص” آخر مع “أصغر مذيع” في “قناة القاهرة الإخبارية” أو أصغر قناة مصرية؟!!
الإجابة يعرفها الآن من أصبح حاليًا يعرف، وبالضبط؛ وبمنتهى الحياد إجابة السؤال: هل وفع عماد أديب في الفخ أم لا؟!!