تابعت مسلسل سفاح الجيزة من الجلدة لذيل تشويقي يوحي بداية جلدة أخرى على غير العادة ..
يبدو أن تأليف المسلسل بأكثر من بصمة وضعت إمكاناتها ووظفت إطلاعتها لنقل ملابسات الملف بشكل جعلها أكثر سسبنس مع متابعة فورية لرد فعل المشاهدات ( يعني مجهود كاست)ويخيل لي ان الحلقتان الأخيرتان تحديدا تم حذف بعض المشاهد التي قد تترك اثارا سلبية ورد فعل محبط وأن إضافة المشهد الأخير لأخو السفاح وهو يسترد ريع جرم اخيه ليكون زيله المتصل خارج القطبان ويستمد منه العمل جزءا اخر ،كما ان ” الباجوري” مخرج العمل اراد ان يداعب المشاهد من خلال مكالمة من إعلامية للسفاح لأخذ موعد وعمل حوار ليجيبها السفاح بنفس العبارة التي قالها ل” فادية” قبل انهاء حياتها وسائق التوكتوك حين طلبت منه ال 45 ألف جنية التي أردت توظيفها مع جابر والنتيجة رسم بعض الضحك على وجوه المشهد وترميم مشاهد الدم بحمرة الوجه نتاج الخليط”الدراموكوميدي“
تايم نيوز أوروبا بالعربي | ليندا سليم
سبقت الحكم على “باسم سمرة” خلال مشاهدتي لستة حلقات ولي عذري ولكنه بدوره عوض في الحلقتان السابعة والأخيرة ليؤكد لظني ان لولا الألية التي استخدمها واعطاني طابع انه في ادنى إمكاناته قياسا على ما جسده من قبل في أعمال كثيرة ناجحة ،فقد جسد دور الضابط الكلاسيكي بشكل رأيته رتيبا يهتم بعمله على حساب بيته زوجته وابنه ويزيد كبره في توبيخ إبنه وتركه في حزنه مع فقدان امه دون مراعاة لشعوره في ستة حلقات نفس الوتيرة بنفس النظرة والكبر ،لم اجد في تلك الحلقات اداء سمرة المميز ولم يحرك في ساكنا الا عندما اختطف السفاح ابنه فقدمت تعبيرات وجهه القاسية درساً محى كل تقدير سريع عن دوره في مشاهد قليلة أعمقهم الأول خلط فيه بين تأنيب الذات و وحرقة قلب أب ،وأروعهم الأخير حين ضرب جابر بروعة فاقت روعة السفاح حين قتل عاملة المصنع،هذا كله لم تؤكده الكاميرا في فلاش باك مثل ما فعل الباجوري مع فهمي ،بل ترك سمرة وحده دون سيناريو منصف ودون تقنيات تحاكي وبرغم حدية ملامحة إلا أن مشاعره ك( أب مكلوم) فاضت بعد علمه خُطف إبنه نقلها للمشاهد بروحه وتعبيراته وبصرخة مكتومة تقول| نعم أستطيع أن أكون الضابط والسفاح ..
لم يدهشني احمد فهمي فهو موهبة إستثنائية نتوقع منها المزيد ،بالبلدي كده وكما يقولون كمثل يليق مع عدم تحوير المعني عقائديا ( ملوش ملة وملوش سقف) أي يمثل اي دور بأي ادوات وبنفس المهارة ويجعلنا نضحك مع ما يقدمه ضاحك ونضحك اكثر مع ما يقدمه مرعب ليحقق هنا المعادلة الأصعب لأن ضحكنا للرعب لم يحدث خلل وان ورد فعل رواد السوشيال ميديا كان من صناعة الميديا الموازية عندما قامت بإعادة عرض للمشاهد بأسلوب كوميدي كما حدث من قبل في سلسلة افلام ” سكاري موڤي” بأفلام اخرى تتناول نفس المضمون بأسلوب ساخر وحولوا القناع المخيف لملابس ترضي كل الأذواق من حفلات الهالوين لحفلات اعياد الميلاد..
سفاح الجيزة تكنيك أمريكي بخفة ظل مصري وبراعة في التوسيط بين إرضاء وجذب الجمهور مع الحفاظ على الوزن واعطاء للجرم مبرراته..
الأم “حنان يوسف” ( ام جابر)الكلام عنها صعب وتركيبة دورها طببت ميزان تقديرها فلا وزن قد يقابلها او يضاهيها ومقارنتها ظلم لمن يحاول محازتها ،إمرأة تستطيع ان تتحمل عمل بالكامل والبقية ياتوا خلفها وحدث ولا حرج فنانة غول واصنفها غول فالمشهد الأخير وقبل ان تموت وعند عتاب إبنها وأنها السبب لما وصل إليه رمقت بطرف عيناها الضابط المستمع لإعتراف الإبن بأنها مريقة دم ابيه وكأنه كشف امام العدالة سرا جديدا والذي من الواضح ان حبسها ليس عن جرم قتلها زوجها وإلا لعدمت وانها نجحت في إخفاءها جريمتها بتقطيعه وطبخه ..
وسأضع رأي الشخصي جانبا عن رأي في الفنانة حنان يوسف نتاج لحوار شاهدته لها بالصدفة منذ ايام لم يروق لي ولكننا هنا نتكلم عن عبقرية أم جابر وحسب وتضاهيها روعة ” جهاد حسام “التي لم تظهر الا في خمسة مشاهد فلاش باك واحد وهي بتقتل ابو جابر واخر وهي بتطبخ على عربية الكبدة ثم رابعهم وهي تحبس جابر بعد ضربه عند اخذه الساندوتش من على العربة ورابعهم وهي في عربة الترحيلات ثم ياتي الخامس حين شاهدها جابر وهي تقطع والده قطع صغيرة ويبدو انه مشهد يترجم لما ضربته عندما اخذ الساندوتش ليس لانه سرقه بل كي تمنعه يأكل ما استحلت ان تطعمه لأكلي عربتها ( لحم ابيه)..
اخت الزوجة ( زينة) لم تجسد دورا جديدا ولا مجهدا كما روج لها لان تقريبا العملان التي رأيتهما لها قبل سفاح الجيزة نفس( التركيبة) خلل نفسي اما ظاهر او محسوس رايته في اول مرة شاهدتها بمسلسل للأسف لم استكمله ولم اتذكر إسمه ولكنها كانت زوجة لمستغل مرضها النفسي وادته ببراعة رأيتها فيه تجيد ادوار” الإزدواجية “ودور أخر في مسلسل ازمة منتصف العمر وكانت ايضا تجسد دور معقدة تتزوج من اباء صديقاتها بدم بارد لنفس العقدة النفسية التي جعلتها تهرب من بيت والدها ( سفاح الأبوة)بحثا عن سفر في عمل يزيحها من امامه( إذا فلم اجد جديد في ” زينة” رغم نجاح الدور ولكنه نفس المنهج وبنفس الأدوات) قياسا مع دور اختها” سلمى” والتي ظلمها البعض رغم انها صاحبة التجسيد الجديد على غير العادة فقد هربت من أبيها بالزواج من السفاح نفسه ولكنها كانت اقل طموحا من اختها وفضلت الهروب لبيت الزوج ، دور مركب وصعب على ممثلة بعمرها ولكنها جسدته بحرفية ونجاح مستحق..
والعمة( ميمي جمال) ورغم ان جابر انهى حياتها بعد ثلاثة مشاهد تقريبا ولكنها لأخر نفس تثبت وان موهبتها في اداء أدوارها تثقل بعدد سنوات عمرها كممثلة وفنانة كبيرة لا يقل اداءها هنا براعة عن دورها في “اخر دور” وحذفها من الدور 13 بعد اداء جيد مرتفع ..
والعمل كله إذا اجاز لي تقييمه بالدرجات مع حذف اعمال السنة وتقسيمهم على ثماني حلقات من رؤى وجهد وموسيقى تصويرية وتتر روعته لاتقل نجاحا بل تفوق تصوير المسلسل بدون أخطاء كخطأ جوهري في احد المشاهد فيه بطئ لم تعالجه حركة الكاميرا ولا المونتاج ولا المكساج اثناء مطاردة الضابط للسفاح حين احتمى خلف طفل ثم تركه وهرب في ثواني كان يجب بترها او خطفها عوضا عن إطلاق النار بحجة وجود طفل لانه تركه ثم فتح الباب بعد ان لف ليهرب ( مساحة تندلع فيها الحروب )ناهيك إصابة مجرم ولو في ساقة فقط اعطية 9 من عشرة (من الأخر) المشهد عاليه موش حلو لا لفهمي ولا لسمرة والمذنب فيه الكاميرا وليس هما) مع التمويه ان التخديم على دور فهمي وركين كان الأعلى من جهة السيناريو والتقنيات اما الرواكز فقد اجتهدت بأداءها دون سكريبت وكانوا طاقات صامته استطاعت ان تبلغنا الرسالة ومضمونها من تعبيرات وجوههم مثال( سمرة) وهي سقطة يجب على كل مؤلف ومخرج الا يقعا فيها فالتركيز على فرد او اثنان دون الأخرين حتى وان كان سيفرش لهم مساحة لإظهار امكاناتهم ومواهبهم ولكنه سيكون ضد التأليف والإخراج لأن الموهبة التي خرجت منهم ليست مكتوبة ولم تأتي بتوجيهات الإخراج وان كانت حقا توجيهاته لن تفلح إلا لو كان الفنان قادر على إخراجها…
للأسف الأعمال الناجحة بتستقطب أمثالنا لتفريغ بعض السقطات وكانت هي ذا..
اتذكر المخرج الصديق “هاني إسماعيل” رحمة الله عليه كان يستدعيني كل مسلسل عاصرته في المونتاج والمكساج ليرى مني ما سيجعل النقاد ( امثالي) رؤيته ويحذفه او يعالجه ومع كل لقطة كان يهلل للكاست شوفتوا الحمد لله ويشكرني وكثيرا ماذكر ذلك على الملأ..
واخيرا مع إنتهاء سفاح الجيزة وعرض برومو بسيط استوقفني وجوب إعادة صياغة مثل هذة الأعمال من علماء النفس والنقاد المثقفين المتابعين واخذ ابروف قبل التطرق إلى مثل هذة الأعمال لأنها وبإيصالها للجمهور بهذا الحجم من النجاح يضع مردودها على عاتق الكاست والمجتمع كله، فإراقة الدماء بشكل يسهل إستصاغته وتعتاده العين وعنف يأخذ النفس في مجتمعنا هذا مع سوء الأحوال الاقتصادية ومزج القصص الحقيقية بخيال المؤلف لا يعفي ان العمل سيبات مؤثرا وسيستقطب بعض النفوس المريضة للتقليد خاصة مع صعوبة المعيشة والغلاء وتمويع المشهد من البعض ووضعه في قالب لا تلفظه العين و كوميدي قد يكون مردود مثل هذة الرؤى عكسي ويصاحب نجاحها ذنب يثقل ميزان العمل ويكون كحد الرقاب عليهم وليس لهم..