مُستقبل الأقليات العربية الأصل في ظل تنامي السياسة اليمينية في أوروبا

أمستردام | تايم نيوز

استضافت مؤسسة سوا مساء أمس 3 يونيو الجاري  الأستاذ سعيد السبكي رئيس مجلسي إدارة وتحرير شبكة  تايم نيوز أوروبا بالعربي فى العاصمة الهولندية  أمستردام  في ندوة توعية ضمن الأنشطة الثقافية والاجتماعية لمؤسسة سوا حيث القى السبكي مُحاضرة عن : ” مُستقبل الأقليات العربية الأصل في ظل تنامي السياسة اليمينية في أوروبا ” وقد حضر الندوة حوالي 30 شخص من جنسيات عربية مختلفة جمعهم اهتمام مشترك، جاءوا من مختلف مُدن هولندا.

استهل المُحاضر حديثه بقول :

اعتقد انكم سمعتم ذات مرة المثل الهولندي الذى يقول : De kop in het zand steken وهناك مقولة عربية تتشابه الى حد كبير وهي : لا تكن ممن يدفنون رؤوسهم في الرمال كالنعام .

لذلك من الحكمة والجرأة مواجهة الواقع الإجتماعي الذي نعيشه فى عصرنا الحالي باليقظة، ومن الضروري عدم إغفال حقوق الأجيال من أبناءنا وأحفادنا.

*  وقبل الدخول فى صلب الموضوع أوضح اننا سواء افراد او مؤسسات مُجتمع مدني او المؤسسة الاعلامية التي تصدر جريدتنا لا ندعو للكراهية . . ولا ندعم اى نوع من العداء للاخر بكل ما تتضمنه الجملة من معاني.

* نحن نبذل كل الجهود المُمكنة من اجل استمرار الاستقرار الاجتماعي فى هولندا وكافة المُجتمعات الاوروبية بإعتبارنا جُزء لا يتجزء منها.

* ايضا نعتز بنصوص الدستور الهولندي التي تكفل لنا سُبل الديمقراطية وحماية حُرية التعبير عن الرأي ..   وها نحن نفعل . . قد لا نتفق مع بعض التوجهات السياسية لكننا نحترم حتى ما نختلف معها.

موضوعنا هو: مُستقبل الأقليات العربية الأصل في ظل تنامي السياسات اليمنية الأوروبية التي هي افراز طبيعي ، أو لنقل مُنتج لإرادة شعبية إختارت عن طريق منح أصواتها فى الإنتخابات أحزاب لها برامج يمنية ، الأمر الذي يسمح لها بالوصول للحُكم ، سواء بمفردها أو بالإتلاف مع أحزاب أخرى قد تكون يسارية أو من اليمين الوسط أو إشتراكية أو دينية . . إذاً الحكومات اليمينية السياسية تأتي بإرادة شعبية بنسبة مئوية فى مُعظم الحالات تزيد عن 50% ممن لهم حق التصويت فى الإنتخابات ، ومن المُمكن أن تزيد هذه النسبة مُستقبلاً تبعًا للمتغيرات والمُستجدات سواء السياسية أو الإقتصادية أو ألأمنية أو الحروب.

وهناك تأثيرات للحركات اليمينية المتطرفة فى الاتحاد الأوروبي وهي مُشكلة متزايدة في بعض الدول الأعضاء.

تتميز هذه الحركات بالتشدد السياسي والقومي والعُنصري، وتسعى إلى الترويج لأفكار تعارض قيم الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان والمساواة.

هذه الحركات تطرح قضايا مثل : ( الهجرة والتعصب العرقي والديني والسيادة الوطنية ).

صورة تذكارية من الندوة

وتشهد بعض الدول الأوروبية زيادة في التأييد لهذه الحركات، مع تكوين أحزاب سياسية يمينية متطرفة وفواجع متصاعدة.

 بعض الأمثلة على هذه الحركات : حزب الحرية في النمسا وحزب الشعب الديمقراطي اليميني المتطرف في فرنسا وحزب التقدم المتطرف في هولندا. و”التجمع الوطني” في فرنسا هو أحد الأحزاب اليمينية المُتطرفة التي استطاعت تحقيق نجاحات انتخابية في السنوات الأخيرة.

هذه الحركات تواجه انتقادات من قبل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان، حيث يتم اتهامها بترويج الكراهية والتمييز والعنف.

 ونقف عند مفارقة مُلفتة للنظر وهي : أن بعض الحكومات والمؤسسات الأوروبية من بين الجهات التي تبذل جهوداً لمُكافحة هذه الحركات، من خلال تعزيز القيم الديمقراطية والتسامح ومُكافحة التمييز والتعصب. وهي مُفارقة تطمئن الى حد ما ، ولكن لا نستطيع التشكيك في هذه الجهود والنوايا ، وفي ذات الوقت لا نعرف فيما اذا كانت تلك الجهود هي للإستهلاك المحلي والعالمي على سبيل تبييض الوجه السياسي أم هي حقيقية . . الفيصل والإجابة تكون فى نتائج الجهود على أرض الواقع وليست معارك كلامية لتنشرها وسائل الاعلام وتنقلها وكالات الأنباء لخارج أوروبا.

من الأمانة توضيح أنه لا يجب الخلط بين اليمين المتطرف والتوجهات السياسية اليمينية بشكل عام. فالعديد من الأحزاب اليمينية لديها مواقف مُحافظة أو قومية، ولكنها من الناحية الرسمية تلتزم بالديمقراطية وتحترم حقوق الانسان. فإن لم تتوافق المواقف الايجابية مع منظومة المُجتمعات بآليات تنفيذية صارمة تخلو من الميوعة والكيل بأكثر من معيار وقوانين نافذة يتم تطبيقها يُصبح الأمر وكأن شيئا لم يكن.

طبعا الجماعات والحركات العُنصرية موجودة فى كل أنحاء العالم وليس فى أوروبا وحدها. ومع ذلك فإنه من المهم أن ذكر أن الأغلبية الساحقة من الأوروبيين لا ينتمون إلى جماعات عنصرية متطرفة، وإنما تعتبر هذه الجماعات أقلية صغيرة ومتطرفة ولكنها خطيرة على المجتمعات الأوربية كلها وليس على الأقليات فقط.

بعض الجماعات العنصرية المتطرفة التي تعمل في أوروبا تشمل:

الحركة النازية ” : وتعود جذورها إلى الفكر النازي الألماني الذي انتشر في أواخر القرن العشرين. وتؤمن هذه الحركة بالعنصرية البيضاء العليا وتروج لأيديولوجية النازية. وبمناسبة النازية أوضح أنه قبل ارتكاب جرائمها الشنيعة التى أشهرها الهولوكوست ” محرقة اليهود ” كانت هناك ندوات مثل هذه تنبه وتحذر من الخطر القادم . وكان هناك كتاب رأي ومُفكرين وكانت هناك صحافة استقصائية ترصد المؤشرات الاجتماعية ولكن للأسف الشديد حدث ما حدث.

الحركة العنصرية البريطانية “: هي منظمة تعمل في المملكة المتحدة وتروج لأفكار عنصرية مُعادية لكل ما هو غير بريطاني.

الحركة العنصرية الفرنسية “:  تروج لأفكار العنصرية والتفضيل الوطني الفرنسي.

 ”  الحركة العنصرية السويدية “: هي أيضا عنصرية تأسست في السويد وتروج لأفكار العنصرية البيضاء والتفضيل العرقي ” وبمناسبة الحديث عن السويد لفت نظري تصريح لوزير العمل السويدية منذ عدة أيام جاء على النحو التالي :

وزير العمل السويدي : إلزام المهاجرين في السويد لدورات إلزامية لتعلم القيم المجتمعية للسويد
قال  وزير العمل السويدي  يوهان بيرشون :  أن الحكومة السويدية تعمل على تنفيذ برنامج  يسمى “دورة السويد ” ،   حيث سيخضع المهاجرين الجدد لدورة إلزامية في الدراسات الاجتماعية والقوانين والسلوك المجتمعي . وأشار الوزير إلى أهمية ” دورة السويد ” لحماية المجتمع السويدي ، وجعل جميع المهاجرين جزءًا من  واعتبر وزير العمل السويدي في خطابه ضمن أسبوع يارفا السياسي في ستوكهولم  أن المهاجرين الجدد لديهم معتقدات تخالف معايير المجتمع السويدي ، فالمهاجرين لديهم معايير الشرف ويشعرون أن ابنائهم  لا يُسمح لهم بالوقوع في الحب وممارسة الجنس  . مجتمعنا المنفتح والشامل..

حركة باجيدا ” – وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب –  وهي سياسية ألمانية متطرفة تعارض ما تسميه “أسلمة اوروبا”. تأسست في مدينة دريسدن في أكتوبر عام 2014 باتفاق مجموعة من الألمان والأوربيين المتعصبين ضد الإسلام والمسلمين.

هذه الأمثلة فقط بعضًا من الجماعات العنصرية المتطرفة في أوروبا، ولا يمكن اعتبارها قائمة شاملة.

مستقبل الاقليات العرقية في ظل تنامي الايدلوياجيات السياسية اليمينية فى اوروبا .

تحظى الأقليات العرقية في أوروبا بتنوع وتعقيد كبيرين، ومستقبلها يتأثر بعدة عوامل، بما في ذلك تنامي الأيديولوجيات السياسية اليمينية.

ويجب الإشارة إلى أن الوضع يختلف من بلد إلى آخر في أوروبا، ولا يمكن تعميم الوضع على الجميع.

قد يؤدي تنامي الأيديولوجيات السياسية اليمينية في أوروبا إلى تأثير سلبي على الأقليات العرقية في بعض الحالات.

قد يزداد التمييز العنصري والكراهية تجاه هذه الأقليات، وقد يترتب على ذلك أيضاُ مزيد من تشريعات قانونية قد تكون أكثر صرامة تجاه الهجرة والجنسية وقضايا اللاجئين.

ومع ذلك، يجب أن نلاحظ أن هناك أيضًا قوى ومُنظمات تعمل على حماية حقوق الأقليات ومُحاربة التمييز العنصري في أوروبا. قد تشهد هذه القوى زيادة في جهودها للتصدي للتطرف اليميني والعمل على تعزيز التسامح والمساواة.

تعد السياسات الحكومية والقوانين المناهضة للتمييز والعنصرية أمرًا هامًا في ضمان مستقبل أفضل للأقليات العرقية في أوروبا.

ودورنا هو أن نعمل بإستمرار على حث الحكومات العمل على تعزيز التسامح والتعايش المشترك وضمان حقوق جميع المواطنين بغض النظر عن أصولهم العرقية أو الثقافية أو الدينية.

علاوة على ذلك، تلعب المجتمعات المدنية والمنظمات غير الحكومية دورًا هامًا في دعم الأقليات العرقية وحماية حقوقها. يمكنهم تعزيز الوعي والتعليم وتعزيز التفاهم والتضامن بين الثقافات المُختلفة.

وأشار السبكي الى ضرورة اهتمام الأفراد ” المواطنين ” بدعم عرائض ومطالب حماية حقوق الانسان ومكافحة العنصرية بالتوقيع عليها ، تلك التى تقوم بها منظمات حقوق الانسان، وكذلك محاولة الوصول للصحف المحلية مؤكداً على أهميتها كوسائل اعلامية تلعب دورا مهما فى توصيل المطالب للمجالس البلدية التي هى انعكاس للبرلمان.

واستطرد فى حديثه : بقي أن نعرف بأن الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا تسعى جاهدة للتنسيق على المستوى الأوروبي لخوض معترك الانتخابات الأوروبية لضمان مقاعد داخل البرلمان الأوروبي.

ووجه كلامه للحضور بقوله : ربما تابعتم أخبار اللقاءات من وقت لآخر بين ( الفرنسية مارين لوبين والهولندي خيرت فيلدرز ) ولا ننكر انهما ناجحان سياسيا على رأس حزبين يمنيين متطرفين: لوبين ترأس الجبهة الوطنية اليمنية في فرنسا، فيما يتزعم فيلدرز حزب الحرية اليميني المتطرف في هولندا. وكلاهما ضد أوروبا.

يتحرك كلاهما وفقا لدوافع مشتركة، أبرزها معارضة الاندماج الأوروبي، ومعاداة الأجانب؛ وزرع الخوف مما يصفانه ب”بروكسيل القوية”، بدعوى أنهما يصغيان إلى صوت الشعب، كما تقول سيلفي غولار، النائبة الليبرالية في البرلمان الأوروبي. “للأسف هذه أرضية مشتركة. ولكن إذا أعطت كل دولة أوروبية الأولوية لمصالحها الوطنية، فإن ذلك من شأنه أن يهدم أوروبا”، على حد تعبير غولار.

وبخصوص تنسيق محتمل بين الأحزاب اليمينية المتطرفة على المستوى الأوروبي، يقول:  ” كاي أرتسهايمر” من معهد العلوم السياسية بجامعة ماينز الألمانية، إن ذلك “مستبعدا، لأن التاريخ أثبت أن الكتل المتطرفة في البرلمان الأوروبي، سريعا ما انهارت بعد سنتين أو ثلاث سنوات.

وحول المؤشرات والأسباب قال :

شهدت السنوات الأخيرة صعود قوى اليمين الراديكالي المتطرف في جميع أنحاء أوروبا، ليس على مستوى الخطاب والتوجه، بل بات من الطبيعي أن يكون لأحزاب اليمين المتطرف مقاعد في البرلمانات الوطنية أو أن تصل إلى السلطة في معظم الدول الأوروبية، حتى في داخل البرلمان الأوروبي الحالي، إذ يشكلون ما يقرب من ثلث أعضاء البرلمان الأوروبي، أي أكثر من ضعف نصيبهم من المقاعد في عقد من الزمان وتعكس هذه الزيادة في التمثيل الشكوك العامة المتزايدة تجاه التكامل الأوروبي.

مؤشرات تصاعد أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا

تتقدم الأحزاب اليمينية المتطرفة في السلم السياسي الأوروبي، وتزداد حدة منافستها تدريجيًا، محققة تَقدماً وإن كان بطيئاً على المدى القريب، لكنه مقلق على المدى البعيد، إذ يحصد اليمين الشعبوي اليوم مواقع متقدمة وقدم مرشحين في انتخابات الرئاسة جاؤوا في المركز الثاني في فرنسا والنمسا.

وقد مثلت الانتخابات التي جرت سنة 2017 مرحلة ذهبية في تاريخ الأحزاب الشعوبية واليمينية المتطرفة في كافة أوروبا.

·إذ حقق حزب “الحرية الهولندي” وهو من أقصى اليمين بزعامة خيرت فيلدرز المرتبة الثانية بعد “الحزب الشعبي الليبرالي الديمقراطي” الحاكم، وبات أكبر قوة في البرلمان.

·  في فرنسا، تأهلت رئيسة “الجبهة الوطنية” مارين لوبان للجولة الرئاسية الثانية.

·        أما في ألمانيا فقد حقق حزب “البديل لألمانيا” في الانتخابات التشريعية الألمانية اختراق غير مسبوق أستطاع من خلالهِ دخول البوندستاغ مع (12.6%)  من الأصوات، مقابل (4.7%) قبل أربع سنوات من تلك الانتخابات. أما في النمسا فقد نجح “حزب الحرية” النمساوي الذي يعتبر من أقدم الأحزاب التي تنتمي إلى أقصى اليمين، في الوصول للحكم ضمن ائتلاف مع حزب المحافظين النمساوي برئاسة سباستيان كورتس.

·        في انتخابات إيطاليا التي جرت في 2018 فقد أحرزت الأحزاب السياسية الشعبوية تقدماً كبيراً تصدّر فيها ائتلاف يمين الوسط (حزب “فورزا إيطاليا” برئاسة سيلفيو برلوسكوني وحزب “رابطة الشمال ” اليميني المتطرف بزعامة ماتيو سالفيني) بنسبة (37.30%)، بينما حصدت حركة 5 نجوم المناهضة للمؤسسات على (32.50%).

·        كما فاز فيكتور أوربان، الزعيم المجري لحزب فيدسز الشعبوي اليميني، بثالث فوز له لولاية متتالية في عام 2018.

·        وقد فازت حملة “سلوفينيا أولاً” في محاكاة ترامب “أمريكا أولاً”، بزعامة يانيز جانشا اليمينية بنسبة (25%) من الأصوات وشكلت الحكومة.

·        حتى في السويد، وهي واحدة من أكثر البلدان ليبرالية في أوروبا عزز الديمقراطيون السويديون اليمينيون المتطرفون الذين خرجوا من تفوق العرق الأبيض والنازيين الجُدد حصتهم في التصويت بشكل كبير من خلال الحصول على (17.6%)  من الأصوات في عام 2018 وأصبحوا ثالث أكبر حزب في البرلمان السويدي.

·        في الانتخابات البرلمانية لألمانيا في سبتمبر 2021، احتل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المركز الخامس بـ(10%) من الأصوات، ورغم خسارته (2%) من الأصوات مقارنة مع 2017. وفقدان شعبيته خاصة في الغرب. لكن هناك تيار شعبوي يميني في جنوب شرق ألمانيا، حيث يسيطر حزب البديل على جميع أنحاء ولاية ساكسونيا تقريباً، بالإضافة إلى الجزء الجنوبي من ولاية تورينغن وجنوبي ولاية ساكسونيا-أنهالت.

·        استمر تقدم الأحزاب اليمينية في انتخابات 2022 ،  تمكنت زعيمة حزب “التجمع الوطني” مارين لوبان من تجاوز الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية الفرنسية 2022، وبالرغم من أنها فشلت للمرة الثانية على التوالي في الوصول إلى سدة الحكم بفرنسا، إلا أنها هذه المرة حققت نتائج كبيرة، فقد حصلت على (41.8%) من الأصوات أمام الفائز إيمانويل ماكرون.

·        هُزمت لوبان في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، لكنها أوصلت اليمين المتطرف إلى أبواب السلطة، مع أعلى نسبة أصوات في انتخابات رئاسية منذ الحرب العالمية الثانية، إذ لم يسبق لأي حزب من أقصى اليمين في فرنسا أن حقق مثل هذه النتيجة في انتخابات وطنية. علاوة على ذلك ، أصبح اليمين المتطرف بذلك متفوقًا على اليسار بكل أطيافه، ما يعني تغيراً في الخريطة الانتخابية وأيضاً في المزاج العام للناخبين.

كما تضاعف عدد مقاعد حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبان (15) مرة بعدما فاز في الانتخابات البرلمانية الفرنسية يونيو 2022 بـ (89) مقعد في الجمعية الوطنية الفرنسية ، ما يمثل اختراقا كبيرا، سيخوله تشكيل كتلة للمرة الأولى منذ أكثر من 35 عامًا.

وفي المجر،  حقق حزب “فيدس” اليميني بزعامة فيكتور أوربان بأغلبية الثلثين في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 3 أبريل 2022، والذي بدوره أعاد انتخاب أوربان رئيساً للمجر لولاية خامسة.

أما في إيطاليا، وبعد استقالة رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي  يوليو 2022، وحل البرلمان وتحديد موعد للانتخابات مبكرة في 25 سبتمبر القادم، بدأت الأحزاب السياسية وخاصة اليمينية منها حملاتها الانتخابية بما فيها حركة “إخوة إيطاليا الفاشية .

ووفقاً لاستطلاع أجراه معهد إس دبليو جي في 18 يوليو 2022  يتصدر حزب “إخوة إيطاليا” ) من الفاشيين الجدد برئاسة جورجيا ميلوني، بحصوله على ما يقارب 24% من نوايا الأصوات، متقدما على الحزب الديمقراطي (22%) والرابطة الشعبوي بزعامة ماتيو سالفيني (14%). أما فورتسا إيطاليا اليميني بزعامة سيلفيو برلوسكوني ، فجمع (7.4%) من نوايا الأصوات فيما تذهب (11.2%)  من الأصوات لـ”حركة خمس نجوم” الشعبوية والمعادية للهجرة. وبينت “الجارديان”، في 24 يوليو 2022، أن استطلاعات الرأي الحالية تشير إلى أن انتخابات الخريف في إيطاليا ستقدم الحكومة اليمينية الأكثر تطرفًا في أوروبا الغربية، وأن رحيل دراجي يهدد إيطاليا بإحياء أزمة الديون من جديد.

بينما دول شرق أوروبا معظمها تقريباً واقعة تحت حكم الأحزاب اليمينية المتشددة، حيث يسيطر حزب فيدس اليميني المتطرف، بزعامة رئيس الوزراء فيكتور أوربان، على الحكومة في المجر منذ الانتخابات البرلمانية لعام 2010،  كما يكمن خطر هذه الأحزاب المتشددة في اتخاذها سياسة العدائية والكره تجاه الاقليات نمطاً بارزاً في مساراتها السياسية الداخلية والخارجية، كما يحدث في المجر، وكرواتيا والتشيك وغيرها من البلدان.

ومن جهة أخرى، اعطت انتخابات البرلمان الاوروبي الاخيرة في مايو 2019 صورة واضحة عن استمرار تقدم الأحزاب اليمينية المتطرفة في بعض الدول مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبولندا، ما أثار الذعر في أوروبا خشية على الاتحاد والتكتل الاقتصادي العالمي. إذ ارتفع عدد نواب اليمين المتطرف في البرلمان الأوروبي من (151) نائباً إلى (171)  من أصل (751)  نائباً، ما أدرجه في المرتبة الخامسة ضمن المجموعات البرلمانيّة السّبع، قبل المحافظين السياديين واليسار الموحّد وبعد الخُضْر مباشرة.

أسباب صعود اليمين المتطرف

ثمة مجموعة من العوامل أدت إلى رفع أسهم قوى اليمين المتطرف في أوروبا، أحد الأسباب الرئيسية وراء تنامي صعود وانتشار اليمين المتطرف نابع من عدم ثقة الشارع الأوروبي بشكل عام لما يسمى أحزاب يمين الوسط، ويسار الوسط، التي كانت تسيطر على المشهد السياسي على مدى العقود الماضية؛ نتيجة عدم قدرتها على حل المشكلات التي بدأت تأخذ وضعاً دراماتيكياً داخل أوروبا.  خاصة بعد الأزمة الاقتصادية التي اندلعت في عام 2008 وما تلاها من سعي الاتحاد الأوروبي والسلطات الوطنية الحازمة لإجراءات السيطرة على العجز النيوليبرالي والتقشف هي أحد العوامل الرئيسية لتصاعد اليمين الشعبوي والمتطرف.

ويمكن القول إن أحد أهم هذه الأسباب وأكثرها حضوراً هي قضية المهاجرين واللاجئين الشرعيين وغير الشرعيين، إذ  استفادت الأحزاب اليمينية المتطرفة في جميع أنحاء أوروبا بشكل كبير من المخاوف الأمنية والثقافية والاقتصادية بين الأوروبيين بسبب موجة الهجرة على نطاق واسع بعد العام 2015.

وتزداد فرص نجاح قوى اليمين المتطرف في ظل الصعوبات الاقتصادية التي تعانيها القارة الأوروبية والتي يتواجد بها رسمياً  (22 ) مليون عاطل عن العمل، ناهيك عن أن المهاجرين يزيدون من تكريس هذه المشكلة نظراً لتكاليفهم الأقل كعمال بدلاء عن العمال الأوروبيين. يُضاف إلى ذلك، تكلفة اللاجئ على الدولة المضيفة في مجالات المرافق والتعليم والصحة وغيره، في ظل موجة السياسات التقشفية التي تتبعها العديد من الدول الأوروبية.

وفي أخر عامين استغلت الأحزاب اليمينية أزمة كورونا لتأجيج المشاعر غير المنطقية مثل مناهضة الفكر ونظريات المؤامرة بسبب عدم استجابة الحكومة لوباء كوفيد 19 والانتشار الواسع للمعلومات المُضللة، باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والتي وفرت مساحة أوسع للأفكار السياسية اليمينية المتطرفة والمحافظة التي تنم عن كره الأجانب .

كما تكمن القوة المتزايدة للأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا في استراتيجيات التعبئة والانتخابات الأكثر تماسكاً، فضلاً عن التحالفات الأفقية الأوسع. هذه الأحزاب أكثر مرونة في التنظيم ونخبها أكثر حساسية للتغيرات الاجتماعية الحالية، وتضخم أخطاء السياسة للأحزاب الرئيسية وتزيد من حدة المواجهة بين المجتمع المحلي والعالم الخارجي، وبين عامة الناس والنخب.

وفي هذا السياق، يعتبر عنصر القوة الذي يساعد اليمين المتطرف هو قدرته على تبني خطاب يربط مُجمل تلك العوامل ببعضها البعض، بحيث يتم ربط المشكلات الاقتصادية والمالية وحتى الأخلاقية، التي ظهرت في أوروبا منذ عام 2008، بالنواحي الأمنية والهجرة وتدفق اللاجئين والتهديدات الإرهابية، مع ترويج هذا التيار إلى أنه لديه حلولاً لمعالجة هذه الأزمات المركبة. ملف: اليمين المتطرف في ألمانيا ـ تنامي حجم المخاطر

السنوات الخمس الأخيرة شهدت بداية انتقال الأحزاب السياسية المتطرفة من انتخابات الدرجة الثانية إلى انتخابات الدرجة الأولى، ما يدل على وجود نوع من التطرف في المجتمعات الأوروبية.

ساهمت العديد من الأحداث الإقليمية والدولية في حجز اليمين المتطرف مكانًا بارزًا ضمن الخريطة السياسية الحزبية الأوروبية، وظهر ذلك من خلال النجاحات المتكررة التي حققتها في الانتخابات التشريعية والمحلية والأوروبية، لكن نتائج لوبان الأخيرة في انتخابات فرنسا سيكون لها الوقع الأكبر على هذه التنظيمات المتطرفة.

أثبتت الانتخابات الفرنسية الأخيرة أن قرابة نصف الناخبين الفرنسيين يحملون أفكارا يمينيةً متطرفةً، وأنهم يميلون إلى الخطاب الشعبوي الذي يضع على رأس هرم أيديولوجيته مناهضة المهاجرين والمسلمين والأقليات عموما، بجانب تعزيز القوميات والضرب بشعارات الحضارات وقبول الآخر عرض الحائط.

يترك صعود نجم قوى اليمين المتطرف في أوروبا بصمات عدة على المشهد السياسي والاجتماعي الأوروبي، حيث تتجلى الآثار المباشرة مع اتجاه القوى السياسية التقليدية في بعض الدول الأوروبية لتبني حلولاً وإجراءات متشددة ضد اللاحئين والمسلمين والعمل ستعمل على تفكيك أحزاب اليمين المتطرف من خلال تبني بعض شعاراتهم.

وعلى المدى الطويل، تظهر تحذيرات من التأثير السلبي لصعود اليمين على نموذج التسامح للدولة القومية الحديثة ذات الطابع الأوروبي، والذي أصبح هشاً جداً مع تصاعد خطاب الإقصاء والتوجه نحو ممارسة هذا الخطاب على أرض الواقع

أزمة أوكرانيا يمكن أن تجلب للشعبويين دفعة كبيرة حيث بدأت تكلفة العقوبات ضد روسيا في التأثير مع ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء. حيث تجاوز سعر البنزين بالفعل 2 يورو للتر ، وهو أعلى بكثير من المستوى الذي أشعل فتيل تمرد ” السترات الصفراء ” في فرنسا ، كما ارتفعت أسعار الكهرباء والغاز والخبز.

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

طريقة حفظ المفقودات في المسجد الحرام

تايم نيوز أوروبا بالعربي مكة المكرمة|ليندا سليم تيسيرًا على قاصدي المسجد الحرام وسعيًا لراحتهم، أطلقت …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *