الكاتب الصحفي سعيد السبكي

هل فوز نقيب للصحفيين من اليسار مؤشر نحو التغيير؟!

كتب | رئيس تحرير شبكة تايم نيوز – سعيد السبكي

على الرغم من حالة الضعف التي تشمل كافة أطياف المُجتمع اليساري في مصر يُمكن القول إن اليسار المصري هو الأمل في التغيير، وهو يحتاج للاقتراب أكثر من الشارع، والأحتكاك بالطبقات الفقيرة والمهمشة، للتعرف عن قرب على مشاكله وأهم أولوياته، بعيدا عن النظريات الفلسفية، وعليه أيضا التوسع في أنشاء فروع له وتوسيع رقعته الجغرافية لتغطي كافة مناطق البلاد، مما يساعده على خلق ظهير شعبي مؤيد له ،كذلك عليه خلق نوع من التواصل مع القوى الأخرى المنتشرة على الساحة السياسية، ليكون هذا التواصل نواة لتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية بعيدا عن المصالح السياسية.

وعلى اليسار المصري أيضا التركيز على تطوير برامجه وهياكله المؤسسية حتى يستطيع من خلالها التعبير عن أفكاره ورؤيته وتحقيقها، كما عليه إعداد قيادات شابة عبر عملية تثقيفية واسعة لتكون كوادر قادرة على القيادة وتولى المناصب العليا.

 نعم حدث التغيير بالأمس القريب في انتخابات نِقابة الصحفيين المصريين برفضهم تحكّم الإدارة السياسية في بيتهم عبر وكلائها داخل أروقة النقابة، فقد تمكن الصحفيون من إبعاد ” خالد ميري “، المرشّح المدعوم من الدولة المصرية الرسمية والمؤسسات الصحفية والقنوات الفضائية التابعة لها، حيث فاز مرشح تيار الاستقلال ” خالد البلشي ، المغضوب عليه من السلطة، ليحقق الصحفيون المفاجأة، فقالوا للسلطة ” ابقي مكانك يا حكومة ” نحن نقدر على التغيير . . والتطوير قادم لا محالة.

قال السادات : ” فوز البلشي أعطى رسالة أمل وأتوقع منه إعادة الاعتبار للنقابة ولمهنة الصحافة، فقد اعتبر محمد أنور السادات ( رئيس حزب الإصلاح والتنمية ) فوز خالد البلشى في إنتخابات  نِقابة الصحفيين بمنزلة رسالة قوية للدولة المصرية تؤكد على أن الإرادة الشعبية تنتصر في النهاية مهما كان حجم الدعم أو المُساندة لمُرشح الدولة ومهما كان حجم المعوقات المباشرة أو الغير مُباشرة التي يواجهها بعض المُرشحين.

وقد أوضح السادات أن تجرِبة البلشي تحمل معها أملا جديدا في تحقيق مزيدا من النجاحات وتؤكد على أن المعارضة إذا آمنت بقدراتها وأعادت شحن طاقاتها ربما تصنع معجزات فلم يكن الكثير يتخيل فوز البلشى نقيبا للصحفيين وهو يرأس أحد المواقع الإلكترونية المحجوبة.

كما وجه السادات خالص التحية والتقدير لجموع الصحفيين الذين توجوا هذه الانتخابات بإرادتهم الحُرة، مُعتبرا فوز البلشى بشرة خير ومهمة تحتاج منه إعادة النظر سريعا في أمور كثيرة تتعلق بحرية الصحافة وحقوق الصحفيين والمواقع المحجوبة وغيرها من القضايا التي عانى هو نفسه منها ..

وأضاف كلنا ثقة في أن نقابة الصحفيين سوف تشهد تغيرات كثيرة للأفضل مُتمنيا له التوفيق والنجاح وأن تشهد الصحافة تحت رئاسته لنقابتها عهدا جديدا من الحُرية والاستقلالية والنزاهة .

وحمدا لله فقد عاد لسلالم نقابة الصحفيين مجدها بعد فترة غياب طويلة من حجب واجهتها بزعم الاصلاح والترميم، ويكون أول حدث عليها هو المؤتمر الصحفي للنقيب الجديد خالد البلشي، وتخللته الهتافات بحُرية الصحافة والصحفيين، لتعود الروح لدرجات النقابة كسابق عهدها من جديد، فقد كانت من قبل مكان كل المظلومين الذين يحلمون بالتغيير.

لِمَ لا؟ وهي التي بدأت من فوق سلالمها إرهاصات حركة ” كفاية ” وبدايات ثورة 25 يناير 2011، فقد كانت مكان الحالمين دائمًا بغَد أفضل لجميع الشعب المصري، فمِن فوقها نُظمت الوقفات، وتحركت المظاهرات، وكان آخرها مظاهرة ” الأرض “، ومن بعدها كان قرار حجب الواجهة المُشرقة للنقابة وتغييبها.

عقب ثورتين ولأكثر من سبع سنوات يعاني الشارع المصري حالة من الاغتراب والفراغ السياسي، فرغم كثرة التيارات السياسية وتنوعها إلا أنها فشلت جميعا في جذب تأييد الشارع، في ظل تغييب التيار اليساري الذي يُعتبر أحد ابرز وأقدم التيارات والفكرية في مصر الذي نشأ في منتصف القرن الماضي، و ارتبط ظهوره بقضايا الاستقلال وإقامة مجتمع العدالة الاجتماعية والانتصار لطبقة العمال والفلاحين، كما اختلف شكل ورؤية التيار اليساري باختلاف الفترة الزمنية التي مرت بها مصر وطبيعة النظام الحاكم.

ورغم قدم هذه الحركة في التاريخ السياسي المصري إلا أنها فشلت في تحقيق أي من أهدافها في مختلف الفترات، فخلال سبع سنوات شهدت مصر ثورتين قادها جموع الشعب لتحقيق أهداف المساواة والعيش بكرامة، ورغم أنها الاهداف التي ينادي بها أي تيار يساري نجد أن التيار اليساري المصري غائبا عن المشهد بشكل جذري بدلا من قيادة تلك الجموع.

لقد كان ظهور التيار اليساري في مصر على يد الطلاب المصريين الموفدين للدراسة في أوروبا والذين بدأوا في نشر الأفكار الاشتراكية عند عودتهم في بداية العقد الأول من القرن العشرين، وشهد عام 1921 تأسيس أول كيان تنظيمي يعبر عن الفكر اليساري «الحزب الشيوعي المصري» على يد بعض المثقفين المصريين حتى تم حله بقرار من حكومة الوفد آنذاك سنة 1925.

ومع حلول الأربيعنيات عاد اليسار المصري إلى الساحة مجددا، نتيجة لحالة الحراك التي شهدتها البلاد مع بدء الحرب العالمية الثانية، وتكونت على إثر ذلك 3 منظمات يسارية: الحركة المصرية للتحرر الوطني «حدتو»، والشرارة «ايسكرا»، وتحرير الشعب، كذلك فقد تم تأسيس جريدة «الفجر الجديد» لتكون أول صحيفة تعنى بنشر الأفكار الإشتراكية.

ومع قيام ثورة يوليو 1952 بدأت صفحة جديدة في تاريخ اليسار المصري، وشهدت العلاقة بين الوجود اليساري ونظام عبد الناصر حالة من الجمود والعداوة استمرت اغلب الوقت نتيجة لموجة الاعتقالات التي واجهها اليساريين كغيرهم من القوى السياسية، إلى أن هدأت الأمور وتم تأسيس التنظيم الطليعى الذي لعب دورا بارزا في نشر الفكر الثورى والاشتراكي.

وكان قرار الرئيس الراحل انور السادات بالتعددية الحزبية وانشاء ما سُمي بالمنابر أهم عامل في عودة ظهور اليسار المصري بعيدا عن الدولة وتمثل ذلك في تأسيس حزب التجمع 1976.وتعتبر الثمانينيات والتسعينيات من القرن المنصرم أكثر صفحات اليسار المصري ظلمة نتيجة لانهيار الاتحاد السوفيتي وتفكك منظومة المعسكر الاشتراكي مما تسبب في زيادة حالة التشويش الفكري والتنظيمى التي عانى منها التيار منذ نشأته إلى جانب الضغوط الأمنية الشديدة.

لكن شهدت السنوات العشر السابقة على ثورة 25 يناير حالة من النشاط اليساري صاحبت تزوير انتخابات 2000 البرلمانية واندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية واحتلال أفغانستان والعراق مما أفضى إلى تكون مجموعات يسارية ضد نظام حسنى مبارك أشهرها «كفايه».وكانت ثورة 25 يناير طوق نجاة لليسار المصري التي أعادت ظهوره بشكل علني ودفعته مره أخرى للعمل الجماهيري، كما شارك اليسار في الاحتجاجات التي تلت ثورة 25 يناير وصولاً إلى ثورة 30 يونيو على حكم الإخوان المسلمين، الملاحظ أنه على الرغم من مُشاركة اليسار في العمل الميداني إلا أنه تواجد على استحياء دون وجود دور حقيقي في قيادة أو توجيه تلك الاحتجاجات.

  • هل تتكرر تجرِبة نِقابة الصحفيين في الانتخابات الرئاسية المُقبلة

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

الندوات الثقافية فى القاهرة تحاور من ؟

كتبت | رئيس قسم ثقافة وفنون :  عبير نعيم على الرغْم من حركة الثقافة الكبيرة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

EgyptAlgeriaTurkeySaudi ArabiaUnited Arabic EmiratesIraqLibyaMoroccoPalestineTunisia