ما يُخبَئَه الغد|الفصل الحادي عشر

الفصل الحادي عشر

تايم نيوز أوروبا بالعربي|ريم حسام الدين

الساعه الثانيه عشر الا ربع من يوم 31 من يوليو ..
لطالما كرهت الصيف .. الحر .. و خاصه شهر اغسطس .. لانه يبدء بيوم مولدها ..
فى مكان ما على الكورنيش المطل على البحر صفت سياره جوار السور و ترجلت منها مسك بعد جولات عشوائية طوال اليوم فى الطرقات ..
صعدت على السور وقفت يعبث الهواء بخصلاتها بينما دموعها تنساب على وجنتيها دون توقف اغمضت عيناها تتذكر كلمات والدها عندما اعترضت على احدي اغانيه المفضله قال لها : دي كلماتها جميله انتى بس الى مش فاهمه ..
– دي كئيبه اوى يا بابا ..
– هي كئيبه بس عايزة تتحس .. صمت قليلاً ثم اردفت و هو يحتضنها : لا ان شاء الله متحسي بالكأبه و لا الحزن ابداً يا ميمي ..
شددت على احضانه و هي تضحك بشده فطالما كانت مدللته ..
خرج صوتها تغني :
خذني بحضنك أبي أغفي … مبطي ما غفيت …
ان لمحت دموعي … سوي نفسك ما لمحت ..
خذني بحضنك و بعثر كل روحي و أنقضيت ..
هزلي كتفي و جولي عيب تبكي لو سمحت …
ظلت تردد كلمات الاغنيه و هي تبكي بحرقة تضغط على موضع قلبها و هي تشهق لتتمكن اخذ انفاسها لتحاول معاوده الغناء ليتحالف صوتها مع قلبها حتى لا يقدر الا على تلك الشهقات و هي تقف امام البحر تشاركها امواجه ذلك القهر بقلبها ..
تفحصت هاتفها فلم تجد يبدو انه بالسياره حسناً قد نجي الاحمق لكن لا بأس ستراه لاحقا .. ربما ..ربما لا ..
مسحت دمعاتها المتلاحقة كأنها تخشي على البحر ان يتعكر بسببهم و من ثم ..
قفزت الى الماء ليغطس جسدها بالكامل فى استسلام دون اي مقاومه منها و من ثم اسدل الستار الاسود على عينيها ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد محاولات عديده من معاويه لمحاولة العثور عليها فهي ليس لديها اصدقاء مقربين أو اقارب بالكاد يعرف كل اماكنها حتى مكانها المفضل علي البحر ذهب اليه لم يجدها و لم تعد الى المنزل فقد سئل حارس البنايه قبل ان يكمل بحث و اعطاه رقم هاتفه ليتحدث اليه عندما تعود كما ان سيارتها ليست امام المنزل ..
لم يرد اخبار والده فمسك كأبنه له و لن يستطيع فعل شئ على كل حال لن يزرع الخوف بقلبه فقد تحدث مع الخادمه بالمنزل و علمت انها لم تذهب الى هناك ايضا ..
الساعه الثانيه عشر و النصف بعد منتصف الليل ليجلس معاويه فى النهايه امام باب شقتها بجانبه قالب الكعك الذي اخضره لها و قد بلغ اليأس منه مبلغه ..
وضع راسه بين يديه و قد انهكه الالم و القلق و كاد يفتك به لا يدري ما عليه فعله ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صوت قطرات ماء منتظمه ..
يبدو أنه صنبور أحد الشقق فالوقت تعدي الواحده صباحاً لم يكترث للأمر حتى شعر بظل أمامه مع صوتها الخافت يقتحم مسمعه رفع رأسه لتتسع عيناه بشده .. رباه ما تلك الحاله .
فقد كانت مبلله بالكامل من رأسها لاخمد قدميها تختلط دموعها مع الماء المتساقط من خصلاتها البنيه الملتصقه بوجهها ..
لتقطع حاله الذهول هذه تناديه مره اخري بصوت كسير لينتفض من مكانه يضمها اليه بخوف لم تتحرك هي أو تخرج من احضانه ما هي الا ثوان حتى رفعت يداها تتشبث به …
اغمضت عيناها و أخذت نفسا عميقاً كأنها خرجت للتو من الماء .. تداركت حالتها لتجهش فى البكاء تحت مفاجأته هو ظل يشدد عليها فى احضانه يحاول تهدئتها و هو يتمتم : مسك مالك .. فيكي ايه .. ايه الى حصل .. ايه الحاله الى انتي فيها دي .. مسك ..
كانت مسك صامته داخل احضانه لا صوت لها الا من شهقاتها اثر البكاء … و قد انهكت قواها و اصبحت لا تعي شئ سوى أن احد هنا معها فى ذللك الوقت .. و ليس اي أحد انه معاويه .. لكم كانت ممتنه لشعوره بها و قلقه عليها ..
تناول المفتاح منها و دلفوا الى المنزل .. اضاء معاويه الانوار الخاصه بغرفتها ثم استرد قائلاً : انا مش هعرف أحضرلك هدومك علشان تاخدي دش .. هتقدري تقفي ؟
اماءت له بالايجاب فاكمل هو : حلو خدي روب معاكي احتياطي علشان لو احتاجتي تندهي عليا ..
تحركت بأليه الى الغرفة جمعت ثيابها و خرجت الى الحمام وجدته قد وضع لها كرسي بلاستيكياً بالحمام لتجلس عليه اذا ما اصابها الارهاق ..
خرجت من الحمام اخيرا كان هو فى المطبخ قد وضع قالب الكيك فى الثلاجه و حضر لها كوباً من النعناع الدافئ
خرج ليجدها تحتضن جسدها بكتفيها و تتحرك تكلم هو لتنتبه اليه : سقعانه ..
نفت براسها فاكمل و هو يجاورها : طب قادره تتكلمي ..
نفت براسها مره اخري .. ناولها الكوب لتبدء فى شربه دون اي كلمه او مقاومه ..
ساعدها للوصول الى الفراش ثم جلس على الكرسي امامها و هو يقول بصوت حانى بينما يملس على خصلاتها : انا قاعد معاكي لحد ما تنامي مش همشي دلوقتى .. ماشي ..
لم تجب و لكنها لم تعترض ايضاً فلا تريد البقاء وحيده و تخجل من ان تطلب منه البقاء ..
ظل يقص عليها من الاحاديث التافهه ما تذكر حتى غفت اخيرا ..
البعض لا يعرف قيمه الاشياء الا بعد خسارتها و عكس ذلك هم القله من سعداء الحظ التى تدرك نعم الله حولها تحمد الله و تحافظ عليها ..
و الان و فى تلك اللحظه بالذات ادرك ان الامر اختلف لم يعد كل شئ كما كان ..
فى تلك اللحظه هو سعيد الحظ انه لا يريد خساره ذلك الدفئ المحيط به .. تنهد و اخرج هاتفه يراسل والده لم يستطع التحدث حتى لا تستيقظ ..
اخبره ان مسك ليست بخير و هو معها ولا يستطيع تركها الان .. كما انه موافق على عقد العمل الذي اقترحته هي ..
ظل فى جلسته حتى خلد الى النوم و لا زالت هي ممسكه بيده ..

عن admin1

شاهد أيضاً

المقعد A37 تفوز في مُسابقة القيصر الأدبية الدولية للقصة القصيرة

كتبت | رئيسة قسم ثقافة وفنون – عبير نعيم المقعد تفوز بالمركز الثامن في مُسابقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *