ما يُخبِئَهِ الغد | الفصل التاسع

الفصل التاسع

تايم نيوز أوروبا بالعربي | ريم حسام الدين

انخرط كلاً منهما فى العمل فلم يستدعها والد معاويه مره أخري و لم تتفرغ للتحدث معه بشأن الفكره الخاصه بها ..
يبدو أنه كتب على هذا الوضع أن يستمر لبعض الوقت حسناً لا بأس ..
انتهت من العمل و توجهت الى المنزل و قد احضرت بعض الفاكهه التى يحبها معاويه في طريقها ..
عادت الى المنزل طرقت الباب ثم فتحت و دخلت الى المنزل لتسمع الاصوات من المطبخ ..
تحركت مسك تجاهه لتجد معاويه يقف امام الموقد يقلي قطع الدجاج بينما هناك اوانى اخري و اطباق من السلطه موضوعه على الطاوله ..
التف اليها ليجدها تنظر اليه بثبات لم تتحرك ليتكلم هو : انتى جيتي امتى محستش بيكي .. بصي انا مش شاطر اوى فى الاكل بس لقيت ورق ريحان و انا الصراحه بحب المكرونه بيه فقررت اعملك الغداء علشان ناكل سوا تعويضاً عن غداء امبارح واحده قصاد واحده ..
قالها مازحاً يحاول اخراجها من ذلك الجمود ليخرج صوتها ضعيف : هروح ابدل هدومي و اجي ..
خرجت من المطبخ و نظر هو فى اثرها بحزن يعلم انه لمس جرحاً لن يلتئم لكنه يحاول فعل شئ جيداً لأجلها ..
أغلقت باب الغرفة لتضع يديها على وجهها لتنفجر فى بكاء صامت .. لكم تشعر بالوحده .. كم عدد السنوات التى بقيت فيها وحيده فى هذا المنزل .. كم عدد السنوات التى تناولت الطعام المكرر وحيده لعدم اتساع الوقت .. كم عدد السنوات التى لم يشاركها احد طعامها ..
وضعت يديها على موضوع قلبها تضغط عليه مع شهقاتها الضعيفه .. متى ينتهي هذا الألم .. رفعت عينيها لتقع على التقويم الموضوع بالحائط لتغمض عينيها هذا ما كان ينقص بالفعل ..
بالأخير مسحت وجهها وقامت بتبديل ملابسها ثم اتجهت الى الحمام تغسل وجهها و قامت بالتربيط على وجنتيها قائلاً : فوقى يا مسك فوقى يا ماما .. قبل ما معاويه يبوظ المطبخ ..
خرجت اليه كان يضع الاطباق على الطاوله نظر اليها بجانب عينيه : ايوة عارف انا الحركات دي تقعدي تلفي علشان اجهز كل حاجه لوحدي .
– اعتبره ايجار الكنبه ..
– الحمد لله انه مش سرير ولا اوضه كنت شغلتيني عبد عندك ..
قالت و هي تعتدل فى جلستها على الكرسي : معاويه عيب احنا اهل .. عاككلنا ايه بقي ..
– عارفه .. هسيبك تدوقى علشان متاكد انها حلوة و هسحب منك الطبق علشان أذلك …
ضحكت مسك وهي تشرع فى تناول الطعام ليكمل : ايه اللي حصل ..
– زعلان مني .. بس معرفتش اتكلم فى حاجه علشان الدنيا كانت زحمه النهارده .
– يعني عايزة تقنعيني انه مصالحكيش ده انتي الدلوعه بتاعته ..
طرقت بيديها عده طرقات على الطاوله الخشبيه قائله : الله اكبر .. قل اعوذ برب الفلق ..
لوح بيده تجاهها لتكمل هي : انا بس فى فكره فى دماغي هقولك عليها و بكره ان شاء الله هقول لعمو و فكر فيها مش هتخسر حاجه و نبقي قسمنا البلد نصين ..
– ايه هي يا ست العبقريه ..
– هات الاطباق و تعالى المطبخ نعمل الشاى و اقولك و انا بغسل المواعين ..
امتثل اليها لتخبره بفكرتها ..
فى المساء اتجه كل منهما الى مكان نومه الليله السابقه ظل معاويه يفكر بكلام مسك طوال الليل و قد جافاه النوم .. بينما هي فى غرفتها ظلت تبحث فى درج الكومود الخاص بها عن دواء ما حتى وجدت الشريط لتجده و لكن صلاحيته قد انتهت القت به فى سلة القمامه و هي تقول : يوووه يا رب افتكر اتنيل اجيب شريط قبل اول الشهر ..
تمددت على السرير الخاص بها لتنطلق سريعاً الى عالم الاحلام يكفيها احداث اليوم ..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في صباح اليوم التالى ..
اتجهت مسك الى الشركه بينما معاويه رحل معها لمقابله احد اصدقائه حمدت الله لتمكنها من التهرب من حارس البنايه اذا علم بوجود معاويه سيسئل محمد فى النهايه هو زوجها فلن تكون هناك اقاويل لكن والده سيعلم بامر مبيته لديها و هي لا تريد ذلك .. ستخبره فى الوقت المناسب ام انها لن تفعل ..
وقفت امام مكتب والده تدعوا الله ان ينسي امر مبيته و يسمح لها بالتحدث
طرقت الباب عدت طرقات رفع راسه ليري من حضر و أعاد ناظره مره أخري الى الاوراق لتقول بصوت خافت : يا رب صبحنا و ربحنا و بين عبادك ما تفضحنا ..
رفعت صوتها لتكمل : هو احنا مش كنا اتصالحنا ليه الوش ده على الصبح بقي ..
– جيبي من الاخر يا مسك .. انا مش فاضي ..
– مش انا قولتلك عندي اقتراح لطيف ممكن تسمعنى ..
رفع رأسه بأنتظارها أن تكمل .. جلست على الكرسي امامه لتنحني بجزعها عليه : بص انا معرفش رأيه بس بردوا اقترحت عليه فكره عامه يعنى .. بس طبعا قولت أناقشك الاول فى التفاصيل ..
ضحك لأول مره منذ دخولها و قام بتقليد حركتها على المكتب ليردف : عارفه لو ننجز ..
– متقطاعنيش لو سمحت ..
رفع حاجبيه لتبتسم ببلاهه و تنحنحت لتكمل : ايه رايك يمسك هو فرع من فروع الشركة بس مش تحت ادارتك ..
– اتنازله يعنى ..
– بالظبط كده بس تمضوا مثلا عقد شراكة ..
اعاد ظهره للخلف مكملاً : بمعنى .
– يعنى كأنه شريك معاك فى الشركة بالفرع ده و تملوا عقود متوثقه و كده و تحطوا شروط الشراكه الى تناسب الطرفين .. اتفقوا على شروط التنازل و المبلغ المطلوب و ممكن مثلا يعنى يقل مبلغ البيع مقابل الشراكه و هكذا و خد حضرتك مبلغ مبدئي مه و الباقى على اقساط .. رضي رضي مرضيش ممكن بيع بس .. هو فاهم الشغل هنا و محاسب و الفرع كده كده ليه مدير .. يمشي هو الدنيا بقى زي ما يحب فشل دي مسئوليته ..
-انا مرفضتش انه يستقل قبل كده .. كل الى طالبه منه أنه يبقى دارس الى بيعمله علشان ميقعش ..
– سيبه يجرب و يفشل و يحاول تانى هيحصل ايه يعنى ..
– و الفكره العبقريه دي مطلعتش منه ليه ان شاء الله ..
– علشان مش هبقى عايز استقل هاجي اقولك ساعدنى ..
– طب ما هو طلب منك المساعده ..
– لا والله انا الى عرضت ..
لانت ملامحه اخيرا و بدى على وجهه امارات الاقتناع لتباغته هي : ها يعنى نتغدي سوا النهارده
خرجت تنهيده خافته منه : ماشي نتغدي سوا كلنا فى البيت …
اتسعت عيناها لتقول مسرعه : ده انت طارده امبارح اعملها ازاى دي ..
– مشكلتك مش مشكلتى ..
– ليه كده يا عمو .. ليه كده يا حبيبي ..
– علشان تبقي تساعديه حلو .. و كمان انا مطردتهوش أنا قولتله مش عايز اشوفك دلوقتى ..
تنهدت و هي تقول : ايه مفهومك عن الطرد ..
– انا هعرفك دلوقتى .. اتفضلي على مكتبك ..
– بس ..
– على مكتبك ..
– انا بتطرد من المكتب ده اكتر ما بتنفس ..
– عارف لو نفتكر الدوا زي ما بتفتكر تطردني صحتك هتبقي فل ..
أكمل كلامه و كأنه لا يستمع الى ما تقول : و قولى للأوفيس بوي يجيبلي قهوة ..
– معلش صدعناك يا باشا ..
– على مكتبك يا مرات ابني ..
عند تلك الكلمه كانت تهرول الى مكتبها .. اي ورطه تلك كيف ستقنع معاويه ..
و كيف ستخبره تفاصيل الفكره اصلا و ماذا عن والدته بالتاكيد عرفت ماذا ستفعل معها ..
وضعت راسها على المكتب و طرقت براسها عليه عده مرات يكاد ينفجر .. رفعت راسها و كان شيئا لم يكن رتبت خصلات شعرها و رفعت الهاتف : معلش يا مصطفي هات قهوة لاستاذ محمد بسرعه لو سمحت ..
و الان .. ماذا …
اخرجت الهاتف و ارسلت له رساله : متجيبش أكل هنتغدي بره ..
– فل ..
في نهايه اليوم طلبها محمد دخلت ليتكلم هو : بقولك يا مسك.. بعد ما نخلص من حوار الغدا ده ادي لمحمود حسابه و مشيه بس خليه يقابلنى الاول .
ابتسمت و قالت فى سعاده : يااااه لقد هرمنا من أجل تلك اللحظه ..
فى موعد الانصراف كان واقفاً امام الشركة مستنداً بظره على دراجته حتى أتت مسك ( و لسوء حظه كما فكر قبل رؤيته لمحمود) .. أتت مسك تسير على مهل ليتكلم هو : هلا .. هتأكلينا فين ..
ابتسمت و قالت ببراءه : عندكوا فى البيت ..
نظر لها قليلاً ثم رفع احد حاجبيه : أومري .. بتشتكي من ايه ..
نظرت له و هي تسبل عيناها : يلا بقى يا معاويه انا قولت لعمو هنروح ..
دفعها فى وجهها باحدي يديه .. لتحرك كتفيها له و هي تغني : بيعاملنى بطيبه و احساس ..
– طب اتلمي فى الشارع احسنلك ..
قالها ثم استقل دراجته لتقف هي امامه قائله : هستناك قدام البيت مش هدخل لوحدي انا ..
تخطاها و انطلق .. اطلقت زفيراً عاليا و استقلت سيارتها و هي تقول بصوت مسموع : هيبقى شكلي وحش اول لو مجاش .. يا رب اقف مع عبدك الغلبان الى هو انا .. ادي اخره الى يساعده فى حاجه ..
وقفت امام منزله لم يحضر بعد او لن يحضر من المفترض ان يصل قبلها قررت الانتظار قبل ان تتصل به .. ظل شعور القلق يراودها ..

ما يُخبئَةُ الغد | الفصل الثامن

 

عن admin1

شاهد أيضاً

المقعد A37 تفوز في مُسابقة القيصر الأدبية الدولية للقصة القصيرة

كتبت | رئيسة قسم ثقافة وفنون – عبير نعيم المقعد تفوز بالمركز الثامن في مُسابقة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *