سعيد-السبكى فى ميدان التحرير

لا تأييد دائم لكِ يا حكومة مصر | الوضع جد خطير (1)

كتب | سعيد السبكى

قد يتراءى للبعض أن المواقف السياسية لابد وأن تكون ثابته، تخضع لإصطفاف أيديولوجي الهووي وعقائدي أعمى لا يتغير،  فمن كان يحظى بالتأييد سيبقى أبد الدّهر، ومن كنت تختلف معه سيظلّ مرفوضاً إلى آخر الأزمان، السياسة لا تعرف ديمومة الحب والكراهية او الزواج الدائم أو الطلاق بلا رجعة.

وقفت مثل آخرين مؤيداً وداعماً للمشير السيسي لخلع الاخوان المسلمين من سدة الحكم، وفق رؤية ما قد شاهدته من ضيق افق جماعة الاخوان باستحواذهم للسلطة رغبة منهم فى تحويل نظام الحكم الى دولة لأهلهم وعشيرتهم، واستمر التأييد لعدة سنوات قليلة نعترف ان أفضل ما فعله نظام السيسي هو إعادة إعمار وبناء مرافق بنية تحتية كانت مصر فى حاجة اليها.

لكن ليس معنى ذلك ان ألتزم الصمت حيال قضايا وطنية مُهمة وضرورية وأبقي مؤيداً للأبد، فمراجعة المواقف أمر صحي والاختلاف نعمة،والمُعارضة الوطنية وتوجيه الانتقادات هي بهدف التبصير والاصلاحات المطلوبة، فى نظام واضح انه انحرف عن المسار الذي نريده لشعب مصر.

 هذه كلمات حاولت تأجيل كتابتها ونشرها على الرغم من دواع كثيرة سياسية وفكرية – وإنسانية أيضاً – كانت تقتضي التعجيل وقد صبرت لبعض الوقت، لكن الزمن وضروريات التبصير غلبتني على أمرى، فهي تركض مُتلاحقة سريعة كما ان الأمانة تقتضي الإفصاح دون تردد لأن ضمائرنا ستُحاسبنا قبل ان يقول التاريخ كلمته.

فى مهنتنا داخل بلاط صاحبة الجلالة لدينا علاقة شبه مُستمرة تربط السياسة بالصحافة، تلك العلاقة التى لم تتوارى يوماً على مدار نصف قرن بأحوال ومصلحة الوطن الأصلي مصر، التى بقيت وستبقي فى مجرى الدم، ذلك على الرغم من العيش خارجها ، فالواجب تجاه الوطن ليس قصة تُكتب ثم تُنسى وأن ينزل عليها ستار حتى لا تظهر مقاصد أو تبين أغراضا مازالت تسعى بين الناس، وما زال أثرها محسوسا في نبض الزمن على مدار اليوم.

القارئ المُطلع يعرف ان العلاقة بين السياسة والإعلام فى عالم اليوم مُعقدة ومُتشابكة، وهي في كثير من مناطق الشرق الأوسط وشمال افريقيا أكثر تعقيدًا من مثيلتها فى العالم الغربي، ولكى أكون أكثر دقة فى الوصف ” في أوروبا “، وللأسف العلم الحديث في غالبية تلك البلدان نسبة كبيرة منه منقول.

هناك من يبذل جهد فى التجديد لكن تبقى مظاهره مُستعارة، حيث أن التغريب بالتقليد سهل، والتجديد الأصيل بجذور ومصالح وطنية ملائمة مشقة، وهكذا فإن الوسائل المُفترض انها للتنوير ” المُتمثلة فى وسائل إعلام مصرية ” تحولت في آيادي – القائمين على إدارتها ومُلاكها والمُنتفعين – إلى أدوات تعتيم وتضليل، كما أن وسائل وأدوات التطور والنمو والازدهار والأمن أصبح لها لدى الادارة السياسية المصرية استعمالات تختلف عن الهدف الذي قصدته نظيرتها الأوروبية، فهؤلاء سخروها بما توصلوا إليه من علوم وتكنولوجيا لخدمة الإنسان الذى وضعوه في مركز الحياة اليومية.

أرى أن الأمور تختلط فى  الداخل المصري وأصبح لهذا الخلط أتباع لبعض أبناء الوطن فى الخارج لم يتعلموا أصول الديمقراطية ولم يستخدموا الحُرية فى التعبير عن آرائهم بجرأة وأمانة ، بل احتفظوا بثقافة البغبغان يكرروا ويرددوا ما يُعلنه أصحاب المصالح ، اما بدافع الخوف أو نفاق وتقرب مفضوح للإدارة السياسية المصرية وكلا الأمرين أسوء من بعضهما.
لقد حدث للمسار السياسي  في عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حالات مد و جزر و من انطلاق قليل وانحسار كثير، وبين هذا وذاك وقعت معظم وسائل الإعلام  الوطنية وصحافة الكلمة ضحية تعمل طرفا وأداة وفق أهواء النظام، وأغفلت مصالح الشعب، تؤيد الحكومة دون نقد ايجابي وخشيت على نفسها من مصائر الاقالة أو السجن.

 أرى ان الموعد قد ازف لأن عامل الزمن والسنين تجري سراعا ،وضرورة أن يكون كل الأطراف على قيد الحياة لكي يسمعوا ويقرأوا، رافضا الصمت بحيث انه في مقدوري الآن الكتابة والكلام وربما لا أكون على قيد الحياة ،  كما انه لا فائدة من الكتابة بعد فوات الأوان .

الزمن يمر وحساباته بالثوان، والآجال ليست في يد البشر  وليس عليها سلطان، وهكذا فقد كان لزاماً علي أن أعقد العزم وأمرى لله أحاول اعلان موقفي ورؤيتي وأقدم ما يمليه علي ضميرى الانسانى والمهنى تجاه أبناء وطني وليكن ما يكون – عارفا مسبقا ما قد يجلبه ذلك من توابع، فلدى الآخرين سلطة وليس فى يدى شيء، ولدى الآخرين منابر ضخمة كانها الحصون وأنا في الهواء الطلق أو في العراء – وبالتالي فهي موازين غير متكافئة وعلى أية حال ففي النهاية أطعت نداء داخليا راح يهيب بي أنه الآن وقت الكلام وإلا فيكون الصمت، وأختتم هذه الحلقة بقول : لا تأييد دائم لكِ يا حكومة مصر فالوضع الإقتصادي جد خطير .

  • حاشية : الى من يلقوا بتبعات التردي الاقتصادي وسوء الأحوال المعيشية فى مصر على زيادة تعداد السُكان أقول لهم راجعوا ضمائركم

للحديث بقية

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

ليندا سليم تكتب|مجاعة الشرف

تايم نيوز أوروبا بالعربي | ليندا سليم بصراحة وبدون مقدمات شاحبة لم تروقني فرحة البعض …

2 تعليقات

  1. مقالة رائعة استاذ سعيد تعبر عن وطنية جمه وعقل وضمير واعي متيقظ
    نعم نحن نملك حرية التعبير وانا قد عبرت في نفس السياق في جريدتكم وفي جرائد اخري بل وصلت رسائلي بالطريقة المباشرة للمعنيين اي اكبر مسئول في الوطن لأن الوطن ليس ملك لشخص بل الشخص هو من جاء ليخدم ابناء الوطن .
    وحقاً من يتحجج بالزيادة السكانية فهو إما منافق أو غشيم او فقير المعرفة والبصر والبصيرة لأن الزيادة التي زادت منذ تولي الرئيس السيسي المسئولية كانت تنمو بشكل طبيعي وإذا كان حقق او استغل نسبة الشباب التي كانت موجودة آنذاك والتي كانت نسبتها اكثر من 65% كانوا بين الخامسة عشر والخامسة والعشرين، في تعليمهم مهن وفتح مصانع كي يصدروا للعالم كانت تلك النسبة تُطعم المائة وعشرة ملايين اليوم بل كانت مصر لا تضطر للإقتراض المستمر من هنا وهناك إذن علي حد قولك البغبغانات الغبية التي تعيش بالخارج والتي تردد ما يطبل به من بغبغانات الإعلام الفاشل بالداخل هم أوناس تستحق الشفقة لأن ليس لديهم حل آخر غير التطبيل من الخارج عسي ان يأتي اليهم من الحب جانب كما يقول المثل لكن بكل الصدق هؤلاء جميعاً سبب نكستنا كما صرحت في كتاباتي لهم والحكومة التي تترك إعلاماً جباناً يصفق لها علي اخطائها فهي حكومة فاشلة تصنع نعشها بأيديها لأن الشعب سيترك هذا الإعلام ويذهب للإعلام الخارجي الذي يري هو فيه كل الحقيقية التي خفيت عنه ويري الأخطر يري من يدافع عنه ويطالب بحقوقه إذن معارك الوعي هي المرحلة الحالية والتي يقوم بها من يملك الضمير والكلمة الصادقة لأن الشعب لن يغفر لكل من استخدم ولو بكلمة ضده وضد مصالحه وبقائه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *