أطفال اللاجئين في السويد إنقاذ أم اختطاف؟ | بالألوان

كتبت | سماح مبارك

انتشرت في الأيام القليلة الماضية أحدث المقاطع التي يظهر فيها أفراد من الشرطة السويدية وهي تقتحم أحد منازل المهاجرين العرب والمسلمين وتنتزع طفلة لأسرة عراقية لم تتعد التسعة أشهر من حضن والدتها، لمصلحة هيئة الرعاية الاجتماعية (السوسيال) وَسْط صراخ وعويل الأم والجدة وبكاء الطفلة الصغيرة في مشهد مأساوي يُدمي القلوب.

يحتوي القانون السويدي كغيره من القوانين العالمية على قوانين خاصة لحماية الأطفال والتي يُحظر فيها ممارسة كافة أشكال العنف ضدهم. وفي العام ١٩٧٩أصدرت السويد قانون (سحب الأطفال الإجباري) والذي بموجبه يحق للحكومة السويدية متمثلة في هيئة الرعاية الاجتماعية، سحب الأطفال الذين يتعرضون لأي نوع من انواع العنف المنزلي او لسوء المعاملة من ذويهم أو من أي شخص لديه سلطة للتعامل المباشر معهم مثل المدرسين على سبيل المثال.

لقد تكرر “خطف الأطفال” كما بات يُطلق عليه مؤخراً في هذه الدولة الاسكندنافية الهادئة لدى عشرات بل مئات الأسر المهاجرة، لدرجة أن السواد الأعظم من المهاجرين، بات مقتنعاَ أن الأمر متعمد وأنها مؤامرة على أبناء المسلمين تحديداً، وانتشرت الشائعات والأقاويل عن مصير هؤلاء الأطفال بعد وضعهم تحت رعاية الأسر البديلة، سواءً لفترة زمنية طويلة قد تمتد لسنوات أو لفترة مؤقتة، خصوصاً عند تأكيد البعض أن هذه الأسر البديلة لا تناسب هوية أو ديانة الطفل وتسبب في انسلاخه التام عن جذوره وديانته الأصليتان.

 ولكن هل حقاً كل الأطفال الذين تم انتزاعهم من أهلهم يتعرضون بالفعل للعُنف المنزلي أو للمساس بحقوقهم؟

في الحقيقة ان مُعظم الأهالي يَدعون أنهم يتعرضون لعنصرية ممنهجة ضدهم كونهم من أصول غير أوروبية وتحديدا عربية إسلاميه، وأن الفجوة الثقافية بين الغرب والشرق هي أحد الأسباب الرئيسية لهذه الحملات، بل واندفع البعض لاتهام الحكومات الأوربية عموماً والسويدية خصوصاً بتعمد اختطاف الأطفال من ذويهم، لتعويض النقص الحاد في عدد الأطفال والشباب مقارنه بكبار السن فيها، حيث يزعم البعض أن كثير من الأسباب التي يتم بها أخذ الطفل من ذويه، هي أسباب تافهة جداً أو مُختلقة من بعض الأطفال ذوي الخيال الواسع، كحالة الأب السوري دياب طلال وأمل شيخو، واللذان انتشرت لهما مقاطع مؤلمة في مواقع التواصل الاجتماعي يستجديان فيها الحكومة السويدية لإرجاع أطفالهم الخمسة إليهم عقب انتزاعهم بوقت قصير من هجرتهم للسويد بسبب ظروف الحرب في سوريا.

 في المقابل، يقول المدافعين عن الإجراءات الصارمة لسحب الأطفال من أُسرهم، أن الأمر لا يقتصر بتاتاً على أسر المهاجرين والمسلمين كما يدعي البعض ولكنها تطال آخرين من خلفيات أخرى، ولكن لارتفاع عدد الأسر العربية والمسلمة اللاجئة للسويد، فإن عدد حالات العنف الأسري فيها أكبر، علماً بأن فرض الحجاب ومنع العلاقات الحميمية بين الجنسين قبل الزواج هي أمور يُدرجها القانون السويدي تحت بند العنف المنزلي بينما يعتبرها المسلمون من صميم ثقافتهم ودينهم وتدخلاً سافراً في معتقداتهم وحرياتهم الشخصية.

لقد نفت السلطات السويدية بشدة الاتهامات التي وُجهت إليها من قبل حقوقيين وناشطين حول العالم بأنها تستهدف اللاجئين وأبنائهم في عمليات خطف، واعتبرت ما يحدث من حملات على مواقع التواصل الاجتماعي هو تزوير متعمد للحقائق، حيث لا ينظر “السوسيال” إلى خلفية أو ديانة الأسرة وان كل ما يهمهم في الأمر هو إنقاذ الأطفال من حالات العنف المختلفة التي قد يتعرضون لها في اي وقت، وأنه وفي كثير من الحالات يتم إرجاع الأطفال إلى ذويهم فور وجود دليل على سلامة البيئة المحيطة بهم داخل منازلهم معهم.

سيظل ملف” اختطاف” الأطفال في السويد وغيرها من الدول الغربية مفتوحاَ، وكلما انتشر مقطع مُبكٍ جديد لانتزاع طفلٍ من حضن والديه تجددت النداءات بمطالبة السلطات بتحقيقات عادلة قبل سحب الأطفال من أسرهم، وأن عليها مراعاة اختلاف اللغة والعادات والثقافة بينها وبين الدول التي يأتي منها المهاجرون، والتي قد تسبب في الكثير من اللغط وسوء الفهم ووحدهم الأطفال من يدفع ثمن ذلك الصراع اللامنتهي.

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

الهيلوجرام بين العلم والحرام ؟! . .

بقلم | وائل أبو طالب عندما تشير اصابع الاتهام إلى دولة معينة واتهامها بسرقة سحب …

3 تعليقات

  1. عباس الصهبي

    مقال راصد «كاشف» لحقائق مؤلمة حول أوروبا المدعية تبنيها احقوق الإنسان؛ بينما تفتقد داخلها لأبسط هذه الحقوق من خلال سياساتها العنصرية الممنهجة، وامتكررة؛ ضد العرب.. لا بد من «آلية عربية دولية» لإيقاف هذا «الآجرام الدولي المتعمد والخطير».. مجرد اقتراح.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.. شكراً للكاتبة الرائعة بحق.

  2. مؤلم جدا انا يحصل هذا للاطفال اللاجئين …
    اتمنى ان يكون هناك جهود وندءات من قبل النشطين في حقوق الإنسان العرب والمسلمين تمنع هذة الإجراءات الغير منصفه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *