مشهد من مدينة فاس وعبق التاريخ

إيموزار كندر تدفعني الى فاس مرة ثانية لن تكون الأخيرة

إيموزار كندر – فاس | كتب – سعيد السبكي

هناك الكثير من تاريخ الأماكن يستحق الوصف والتوثيق . . بل هو واجب الكُتاب وليس منة أو تفضل على القراء . . سواء كان المُشتغل بمهنة الصحافة من هواة الترحال أو ساقت أقداره لسفرية بغرض التنزه أو العمل.

على كل حال أعتقد ان تسمية الصحافة بـ ” مهنة البحث عن المتاعب ” أصبحت فى غير محلها بعصرنا الراهن لما يحتويه عالمنا الحديث من تطورات سريعة فى دُنيا التواصل التكنولوجي وسهولة الانتقالات والإتصالات، وكذلك إمكانية الحصول على المعلومات قديمها وحديثها بتيسيرات أكثر من الزمن الماضي بكثير، لذلك ارى وجوبية التوثيق وتداول المعلومات حقى طبيعي للقراء، وهي قناعة لا أحيد عنها.

انتقلت صباح يوم أمس الأثنين 29 نوفمبر الجاري فى رحلة من ” إيموزار كندر ” – تلك المدينة المغربية في إقليم صفرو بجهة مكناس فاس، والتي تقع بين فاس وإفران ، على ارتفاع يصل إلى 1345 متر عن سطح البحر، ومعظم سكانها من الأمازيغ المنتمون لقبيلة أيت سغروشن.

وتبعد إيموزار كندرعن مدينة إفران بحوالي 25 كلم، وعن مدينة صفرو بـ 30 كلم، وعن مدينة فاس 35 بـ كلم – وستكون لها حكاية خاصة بها لاحقاً.

عزيزة القصر أم اشرف

وللمرة الثانية اتجهنا الى احد جوانب مدينة فاس القديمة بمُبادرة من ” عزيزة القصر ” كما أطلقت عليها، أم أشرف التى تستضيفني مع أسرتها ( زوجها مهندس احمد بارق وابنهما الأكبر أشرف ) وحقيقة لم أشعر فى دارهم اني ضيف، وهو الشعور الذى بدء بدعوتى فى تأكيد أكثر من مرة فى مدينة مراكش، تلك الدعوة التى وعدت بقبولها على استحياء أول مرة، حيث ان كثير من تصرفات ” وعاداتتا العربية الجميلة التى أضيف لها الآن الأمازيغية تتسم بالمجاملات “، لكن بعد ان ترسخ لى مصداقية الدعوة والترحيب قبلت، ولما لا فأنا أعشق السفر والترحال، ذلك العشق الذى يجمع بين مهنة الصحافة والهواية الشخصية الإنسانية.

وعلى الرغم ان عزيزة القصر سمعت الكثير عن ما قمنا بزيارته فى رحلة فاس الأولى الا انها كادت ان تؤكد – وان لم تفصح عن ذلك صراحة – وكأننا لم نشاهد أو نزور ما يجب رؤيته فى مدينة فاس، وهذا لمسته من ارتباطها الثقافي وحبها للمكان، حتى ان لدارها الذي تعيش فيه الآن، والذى يمر من تحته عين ماء سلطان الجارية قصة سيكون لها مكان آخر، يستحق تناول بعض من تفاصيله. ومن هنا رافقتنا الى فاس، بالنسبة لي للمرة الثانية وقد فعلنا.

تجولنا فى أحد جوانب فاس القديمة ومنها اتجهنا الى ” سيدي حرازم ” الذى له ان شاء الله نصيب آخر من حكاياتي .

أما مدينة فاس فهي تقع شمال المغرب وتحديداً في وادي فاس قُرب نهر سيبو،وتُعتبر تلك المدينة المغربية ثاني أكبر مُدُن المملكة، إذ يبلغ عدد سكانها حوالي 1,112,072 نسمة.

وقد كانت فاس مركزاً للجالية اليهودية خلال العصور التاريخية السابقة، بالإضافة إلى أنها إحدى المدن الإمبراطورية في البلاد قديماً، كما أنها كانت مركزاً تجارياً مهم، وهي حالياً إحدى مواقع التراث العالمي.

 تُعتبر فاس من المُدن الساحرة بالنسبة لِزوارها، فهي مدينة قديمة مُحاطة بالتلال والغابات، الأمر الذي يجعلها من أجمل الأماكن بالمغرب ، كما إنها تتمتع بالعمارة المغربية الأصيلة التي كثير منها لم يمسها أي تدخُل معماري حديث، بالإضافة إلى شوارعها الضيقة حيث تتميز بِفن الفسيفساء والمداخل المُقوّسة والأعمال الحديدية الجميلة، كما أنها تتمتع بإرث تاريخي غني، حيث إنه يُمكن زيارة الآثار الروما

احمد بارق

نية التي تعود للعصور الوسطى، بالإضافة إلى أنقاض إمبراطورية تعود للقرن الثالث.

من المُفيد ذكر انها جذَبت العديد من العلماء وغيرهم في عصرها، كالفلاسفة، وعلماء الرياضيات، والمحامين وعلماء الفلك واللاهوتيين، كما بنى فيها الحرفيون المنازل والقصور، وقام الملوك بِوهَب المدارس الدينية والمساجد، وفي بداية القرن التاسع عشر بدأت المدينة بِفُقدان نفوذها،

إلّا أنها ظلّت تتمتع بإرثها الثقافي والروحي.

كانت مدينة فاس عاصمة لعدّة سُلالات، والتي وصلت ذروتها في عهد السلاطين المرينيين في منتصف القرن الرابع عشر، وتراجعت في عهد الحكم السعدي والفلالي الذين اختاروا مدينة مراكش عاصمة لهم.

تتكون فاس من منطقتين رئيسيتين هما فاس القديمة التي تأسست عام 808م، والمدينة الجديدة التي تأسست في عام 1276م، كما تضم ما يقارب 100 مسجد من ضمنهم مسجد القرويين الذي يحتوي على إحدى أقدم المكتبات في العالم.

تتعدد المعالم التي تتمتع بها مدينة فاس كونها مدينة تاريخية عريقة، المدابغ فهى تشتهر مدينة بإنتاج الجلود ودباغتها، ومن هذه المدابغ التقليدية مدبغة شواررة، وحتى وقتنا هذا وجدت المدينة تُمارس الطُّرق التقليدية في إنتاج الجلود ودِباغتها التي تعود للعصور الوُسطى، حيث يتم تعريض الجلود لِأشعة الشمس القويّة، وملئ الأحواض بأصباغ عديدة مصنوعة من الكركم والخشخاش والنعناع والنيلي. ويتم استخدام روث الحمام لتنعيم الجلود قبل البدء بضبغها.

أكتفى فى مقالتي هذه بهذا القدر على أن أستكمل الكتابة حول : مسجد القرويين، وقصة سيدي حرازم ،وعين سُلطان،وابن خلدون، ولن انسى يهود المغرب. فهناك الكثير والكثير يستحق روايته عن مغربنا العربي الأمازيغي الإسلامي، تلك البلد بشعبها الكريم المُتسامح.

والبقية قادمة ان شاء الله.

عن غرفة الأخبار

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

شاهد أيضاً

سراج الدين يكتب|مُنخفض القطارة

تايم نيوز أوروبا بالعربي|شوقي سراج الدين  اعتقد ان كل ما تم كتابته عن هذا المشروع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *