مؤسسة الإذاعة والتلفزيون العمومي الجزائري تحتفل باسترجاع سيادتها  

تايم نيوز اوروبا بالعربي| نسيمة طايلب- جامعة الشلف

احتفلت الجزائر أمس المصادف لـلثامن والعشرين أكتوبر/ تشرين الأول بالذكرى التاسعة والخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية على مؤسسة الإذاعة والتلفزيون العمومي الجزائري؛ إذ تعتبر هذه الذكرى منعرجا حاسما وميلادا جديدا لوسائل الإعلام الجزائرية، التي كانت إلى غاية ذاك اليوم تحت سيطرة الاستعمار الفرنسي الذي حاول المحافظة على نفوذه من خلال الإبقاء على الموظفين الفرنسيين بها وتخصيص جزء من البث باللغة الفرنسية تحت مزاعم أهميتها، وفق ما أشارت له اتفاقية “إيفيان” (Evian) في بندها العاشر، إذ لا يخفى علينا أن العمل بمختلف القوانين الفرنسية استمر في فترة ما بعد الاستقلال لغاية الاستقرار الفعلي للبلاد وتجاوز المرحلة الانتقالية، باستثناء ما يتعارض مع السيادة الوطنية .

الجيش الجزائري
لكن الجيش الجزائري حال دون هذا المطلب، وأبى إلا أن يبسط نفوذه التام على محطتي الإذاعة والتلفزيون باعتبارها مؤسسة سيادية يتوجب استرجاعها وإعلان استقلالها الكامل كباقي مؤسسات الدولة، فرفعت الراية الوطنية في سمائها بدل العلم الفرنسي ما أثار احتجاج الإعلاميين والتقنيين الفرنسيين الذين اضطروا للانسحاب منها، لتصبح بذلك مؤسسة عمومية تابعة للدولة تضمن استمرارية بث رسائل الثورة وقيمها، من خلال ممارسة مهامها النبيلة في تشيد جزائر ما بعد الاستقلال، ما من شأنه تعزيز الثوابت الوطنية وحماية الهوية الجزائرية في ظل التحديات التي تواجهها عقب الاستقلال، وهذا ما يسمى بـ “جزأرة وسائل الإعلام أو تأميمها”  من خلال تحرير وسائل الإعلام الجزائرية من السيطرة الاستعمارية  من حيث الملكية، الإدارة والإشراف، فرفع العاملون بمؤسسة الإذاعة والتلفزيون آنذاك تحدي الاستمرار في البث وتقديم خدمة عمومية نوعية تراعي القيم و المبادئ الإعلامية القائمة على الصدق والمصداقية و الأخلاقيات الصحفية رغم قلة الموارد البشرية والصعوبات التقنية التي اعترضتهم.
وعليه، يعتبر هذا اليوم محفلا تاريخيا و محوريا لانتقال مؤسسة الإذاعة والتلفزيون من مجرد وسيلة استغلت خلال الفترة الاستعمارية لكتم صوت الثورة الجزائرية وإخفاء تحركاتها و انتصاراتها، إلى منبر إعلامي يحمل رسالة الشعب والوطن ويكرس كل الجهود لإقامة إعلام وطني حر يلبي احتياجات المواطن الجزائري و العربي المتابع لشبكتها البرامجية، لذلك فهي مكسب وطني يشاد به لمساعيه في الحفاظ على ثلاثية الأسرة، المجتمع والوطن، من خلال الحفاظ على القيم الوطنية والاجتماعية والثقافية التي لا ينسلخ عنها تحت وطأة زيادة البث والمشاهدة.
هذه الأهمية التاريخية والرمزية لاحتفالية استرجاع السيادة، لا تمنعنا من استذكار الدعم الإعلامي العربي الذي لقيته الثورة التحريرية الجزائرية من وسائل إعلامية مختلفة ساندتها وأعلت صوتها ونصرتها على مر سنوات الاحتلال، خاصة وسائل الإعلام المصرية التي كانت سباقة لرصد أصداء الثورة ونقلها كإذاعة صوت العرب وجريدة الأهرام، بالإضافة إلى الصحافة السورية كصحيفة المنار وجريدة العلم، وكذا السودانية والمغربية …

الساحة الإعلامية
من الناحية التشريعية، تميزت الساحة الإعلامية الجزائرية بفراغ قانوني، إذ لم تكن هناك نصوص  قانونية جزائرية تنظم العمل الإعلامي باستثناء القوانين الفرنسية  التي كان معمولا بها قبل الاستقلال، على غرار القانون الفرنسي لحرية الصحافة المؤرخ في 29 جوان/ يونيو 1881، لذا تم التفكير في سد هذا الفراغ بنصوص تنظم الساحة الإعلامية وتسير مؤسساتها، فصدرت في هذا الشأن بعض التشريعات مثل: مرسوم 1أوت/ أغسطس 1963 المتعلق بتنظيم عمل الإذاعة و التلفزيون الجزائري التي أصبح لها صلاحية احتكار النشر السمعي و السمعي بصري.

بالإضافة إلى مرسوم آخر بنفس التاريخ متعلق بتنظيم عمل وكالة الأنباء التي أصبحت بموجب هذا المرسوم مؤسسة عمومية تابعة للدولة الجزائرية ولها صلاحية احتكار النشر ابتداء من 30 سبتمبر/ أيلول 1964.
أما الإلغاء النهائي للعمل بالقوانين الفرنسية في مجال الإعلام فلم يتم الإعلان عنه إلى غاية 1967، حينها بات تسير الساحة الإعلامية خاضعا للأمر 68-525 المؤرخ في 9سبتمبر/ أيلول 1968 المتضمن القانون الأساسي للصحفيين المهنيين. استمر الأمر على حاله إلى غاية 1982، وهو تاريخ صدور أول قانون إعلام تحت رقم 82-01 المؤرخ في 6 فيفري/ فبراير 1982.
بالعودة إلى احتفالية الثامن والعشرين أكتوبر/ تشرين الأول من كل سنة، لا تعتبر الوحيدة بالنسبة للإعلام الجزائري، بل تعتبر احتفالية مزدوجة تتم بالتزامن مع يوم الثاني والعشرين من نفس الشهر المصادف لليوم الوطني لحرية الصحافة، إذ احتفلت الأسرة الإعلامية الجزائرية بكافة وسائلها و مجالات اشتغالها بيومها الوطني على أمل غد إعلامي أفضل وأكثر ديمقراطية وازدهار على مستوى الظروف الاجتماعية والاقتصادية والممارساتية التي تعرف انفتاحا متنامي للمشهد الإعلامي مع مطالب ومساعي لتحديث بنيتها التقنية التحتية لتواكب التطور التكنولوجي العالمي بما يحسن من جودة المحتوى الإعلامي ويرفع من سقف توقعات جمهورها ومتابعيها.

عن admin1

شاهد أيضاً

طريقة حفظ المفقودات في المسجد الحرام

تايم نيوز أوروبا بالعربي مكة المكرمة|ليندا سليم تيسيرًا على قاصدي المسجد الحرام وسعيًا لراحتهم، أطلقت …

4 تعليقات

  1. محمد امين عبوب

    المجد والخلود لذكرى شهدائنا ولتحيا الجزائر

  2. مقال في القمة

  3. بوركتي استاذة مشكورة على المعلومات القيمة .. المجد و الخلود لشهدائنا الابرار

  4. المجد و الخلود لشهدائنا الابرار ………. شكرا استاذة على المعلومات القيمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *