الكاتب أحمد يدك
الكاتب أحمد يدك

نبي جديد؟ | بقلم أحمد يدك

تايم نيوز أوروبا بالعربي – القاهرة | أحمد يدك:

استقبلتُ بسعادة غامرة بيان البنك المركزي المصري الصادر مؤخرًا، حول بلوغ معدل تحويلات المصريين بالخارج أكبر مستوىً له في التاريخ، بعد تجاوزه حاجز الـ”30″ مليار دولار، بزيادة بلغت 13% مقارنةً مع أرقام العام الماضي 2019-2020.

تُظهر الأرقام الواردة بالبيان حجم الصورة الإيجابية التي بات يرى فيها المصريون اقتصاد بلادهم الوطني وثقتهم فيه، ما يؤكد أن ساحة المسئولية في مصر تعج بكفاءات جديرة بحملها، على النحو الذي يمكن معه خوض التحديات، بمختلف أنواعها، وهو ما تثبته المخرجات المبهرة التي يحققها يومًا تلو الآخر المسار الإقتصادي الذي تسير فيه الدولة المصرية، وتبرهن عليه السياسات المالية التي وضعها وأشرف على تنفيذها المصريون بأنفسهم.

تأتي هذه المؤشرات كأحد ثمار حركة الإصلاح الإقتصادي، التي شرع المُخطِط الإقتصادي المصري في تنفيذها ابتداءً بحزمة من القرارات الجريئة، التي كان أهمها على الإطلاق قرار تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار؛ ذلك القرار الذي تحررت معه أيادي الدولة، التي ظلت قابعة في أصفاد مسئولية دعم العملة الوطنية على مدى عقود، وخلق لها متنفس لمضاعفة معدلات التنمية، بعد حرمانها من مواكبة مسيرة التقدم العالمية، ما جعلها حبيسة بداخل فقاعة المكانة المتدنية التي تراجعت إليها بفعل انكفاءتها بداية من انتصاف القرن الماضي. انكفاءة لا تتناسب البتة مع كونها الدولة الأقدم في العالم، صاحبة التأثير الأكبر في نطاق تواجدها الجغرافي، وصانعة الصدى الوجداني والثقافي الأوسع في محيطها الإقليمي.

ربما هو موسم حصاد يجني فيه المصريون مكاسب تحملهم لكلفة الإصلاح الباهظة والصعبة، التي طالت معيشتهم وأثّرت على كل جانب من جوانب حياتهم؛ لحظة ترقبها على حد سواء كل من وثق في الإدارة الجديدة للدولة منذ توليها المسئولية عقب ثورة 30 يونيو 2013 وآمن بقدرة رجالها على صناعة التغيير، وأيضًا من ارتضى الوقوف بالجهة المقابلة يترصد مع المترصدين حينًا تخفق فيه إدارة الدولة، من أجل إثبات عدم أهلية رجالها على تحمل المسئولية، والتشمت بمن وضعوا ثقتهم بهم – وهذا حقهم – لكن يبدو أن أمد انتظارهم هذا سيطول!

المدهش بحق..هو أمر تلك الفئة التي تحيرك معرفة الجانب الذي يقفون إليه، ولا أقصد هنا بالطبع هؤلاء الذين ينأون بأنفسهم عن الدخول في معترك السياسة والإنشغال بتأييد أو معارضة تياراته، وإنما أقصد هؤلاء الذين يتأرجحون بين الجانبين جيئة وذهابًا، بقدرة بهلوانية عجيبة على التلون بكل الألوان واللعب على كل حبال التأييد والمُعارضة، بشكل يجعلك تتساءل عن مصدر هذه الإمكانية الرهيبة على التستر خلف كل الشعارات باختلاف مرجعياتها.

أمثال هؤلاء هم الأبناء الغير شرعيين لحالة السفاح القائمة بين منظومتي الفساد والمصالح، الذين يعملون لأغراض دنيئة يستهدفون من ورائها أحيانًا تحقيق مصلحة ذواتهم، وأحيانًا أُخرى إفساد مكتسبات الوطن على أبنائه، إذا ما تعثّر تحقيق مصلحتهم.

“م.م” أحد هذه النماذج، هو مواطن يحمل جنسية أجنبية من مواليد مصر، كان في السابق لاعب مغمور في رياضة كرة اليد قبل رحيله عن وطنه السابق مصر، ومنذ الوقت الذي حطّت قدماه أراضي وطنه الجديد، بدا على الرجل آثار معاناته السابقة من شبق الشهرة التي افتقدها في مصر، عندما كان رياضي لا يسمع عنه أحد، فحالما استقرت أموره في أرض الإغتراب، أخذ الرجل على عاتقه محاربة أبناء جلدته الذين يقاسمونه مشاعر الغربة وأهوالها، وكأنه في داخله يأخذ بثأره من وطنه السابق الذي لم يمنحه ما يريد قبل الرحيل عنه.

رأى “م.م” في الغربة فرصة مواتية لتصفية حسابات الماضي مع وطنه السابق، فتفتق ذهنه عن التواصل مع السلطات للإبلاغ عن المصريين حديثي الوصول، قبل توفيق أوضاع إقامتهم، أملًا في أن يُصبح “الراجل بتاعهم” في صفوف الجالية المصرية والعربية، ظنًا منه أنه بذلك يضرب عصفورين بحجر واحد، فهو من جهة يضع السلطات في جيبه وبالتالي فلن يكون رد الجميل منهم أقل من مساعدته على تحقيق تطلعاته في أن يُصبح أحد “نجوم المجتمع” مثلما أراد في السابق، ومن جهة أخرى فهو يُزيح رغبات انتقامية ظلت جاثمة على صدره من وقت رحيله عن مصر.

تلقى “م.م” صدمته بعد فشله في إدراك تطلعاته التي عقد آمال بلوغها على عزمه التواصل مع السلطات، إذ لم يصب عليه الأمر سوى بإثارة الكراهية ضده ونفور العرب منه، لذلك، كان مسلك العمل الإجتماعي أفضل وسيلة يضمن بها إصلاح صورته أمام الجميع، فسارع بالمشاركة في تدشين أحد الكيانات المعنية بشئون الجالية المصرية، الذي اتخذه منطلقًا لإشباع رغبته في أن يُصبح شخصًا لامعًا.

ومع الأسف، فبدلًا من أن يُمهل نفسه أمدًا لتحقيق مراده، ورط نفسه في وقائع فساد بداخل الكيان الناشئ، رغبة في الصعود السريع، إلى أن تمت تنحيته من موقعه به، بعد أن اتضحت حقيقة نواياه.

ومن منطلق التفكير بشكل عملي، فلا يمكن أبدًا أن نعيب على أحد حبه للشهرة أو”اللمعان”، لكن، العيب بحق هو الوصول إليهما بالطرق الملتوية والوسائل الغير أخلاقية، والإرتكان عليهما في النظر للغير نظرة دونية والتعامل مع الآخرين بشكل “فوقي”، وهي السمات نفسها التي تدينها وتستنكرها المجتمعات المتحضرة كافة، ومن ضمنها المجتمع الذي يعيش به، والذي لطالما تذرع بالقيم والمبادئ الخاصة بهذا المجتمع في تبرير الأذى المحتمل الواقع على المُبلغ عنهم في الماضي، من منطلق إعمال القانون ومحاربة المخالفين.

وهنا ربما أغفل “م.م” أن القانون الذي يتذرع به هو ذاته القانون الذي يتيح الحرية لتوجيه الإنتقاد لأي شخص وتسليط الضوء على أي مخالفة حال وقوعها، لكن، شريطة ألّا يخضع هو لهذه الآلية التي يكفلها القانون – هكذا يظن الرجل – وهو المبدأ “الفوقي” الذي يفكر به، وكأننا هنا نشهد بعث لنبي جديد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه! ما يُمكن أن نعتبره افتضاح لجانبًا خفيًا لتركيبة غير سوية من شخصيته.

مؤخرًا كان رد فعل الرجل على واقعة أفردت فيها صحيفة “تايم نيوز أوروبا بالعربي” مساحة ما لعرض رأيه حول الرياضة في مصر، والذي تم نقله من حسابه الشخصي بأحد مواقع التواصل الإجتماعي، بمثابة الحبة الأخيرة التي انفرطت من عقد صورته أمام الجميع، بعد لجوئه للسباب والشتائم بدلًا من الرد بموضوعية وتوضيح الخلفيات الخاصة برأيه المنشور على صفحته.

وهو الأمر الذي أعاد إلى الأذهان تنصله مُسبقًا من تورطه بالتحرش بإحدي السيدات والتعدي عليها لفظيًا، حال قيامها بمهمة تنظيف شقة كان قد رتب لنزوله بها لقضاء إحدى اجازاته بمصر، إذ يتم حاليًا الترتيب لاستضافة السيدة بـ”تايم نيوز أوروبا بالعربي” للحصول منها على كافة التفاصيل الخاصة بالواقعة، وذلك انطلاقًا من المسئولية المجتعمية للصحافة ودورها التنويري لتبصير المجتمع بمن يتسترون خلف الأقنعة والشعارات الزائفة لخدمة أنفسهم ومصالحهم، وذلك في حلقات سيتم الإعلان عنها خلال الفترة القادمة.

إقرأ أيضًا: تصريح حصري من وزيرة الهجرة المصرية

إقرأ أيضًا: مجدي مصطفي كاذب وفاسد | فضحه اتحاد المنظمات بهولندا

عن زوايا الأخبار

شاهد أيضاً

الإبادة الفكرية والثقافية

كتب | وائل أبو طالب إن ترسيخ وصناعة الكذب والمعلومات المغلوطة ولا سيما تلك التي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *