القائمة

محمد خليفة يكتب: الأنصارية صاحبة أول مستشفى ميدانى فى الإسلام

admin1 5 سنوات مضت 0 7.6 ألف

رٌفيدة بنت سعد الأنصارية رضى الله عنها صاحبة أول مستشفى متقلة في التاريخ.. كانت من أوائل أهل المدينة دخولاً في الإسلام،

نشأت رُفيدة في عائلة لها صِلَة قوية بالطب، فوالدها “سعد الأسلمي” كان طبيباً، اكتسبت رُفيدة منه خبرتها الطبية وتعلَّمت على يديهِ. وقد كرَّست نفسها للتمريض وممارسة الطب ورعاية المرضى، وأصبحت طبيبة متخصصة.

 وهى صحابية جليلة، ومجاهدة لها باع طويل فى الجهاد فى سبيل الله، شاركت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته، وتُعرف في التاريخ بأنها أوَّل  طبيبة وممرضة في الإسلام، حيث استهوتها حِرْفة التمريض والمداواة، وتفوّقت في ذلك المجال، وكان يُطلق عليها “الفدائية” لأنَّها كانت تدخل أرض المعركة تحمل الجرحى وتُسعف المصابين وتُشجِّع المجاهدين.

قامت رُفيدة الأسلمية بتدريب نساء أخريات على اعمال الطب، من ضمنهم زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة رضى الله عنها لكي يصبحنَّ ممرضات ومن أجل العمل في مجال الرعاية الصحية. عملت رُفيدة أيضا كأخصائية اجتماعية، حيث ساعدت في حل المشكلات الإجتماعية المتعلقة بالأمراض. إلى جانب مساعدتها للأطفال المحتاجين ورعايتها للأيتام، والمعاقين والفقراء.
واسم رفيدة مشتق من الرفادة وتعني الإعانة والعطاء، وهى من قبيلة بني أسلم إحدى قبائل الخزرج في المدينة المنورة، ولذا يطلق عليها رفيدة بنت سعد الأسلمية الخزرجية الأنصارية.

وكان أول ظهور لرٌفيدة عندما عاد المسلمون من غزوة  بدر منتصرين، وكان بينهم بعض الجرحى، فمنهم من عالجه أهله، ومنهم من لم يكن لديه مال ولا سكن ولا أهل، وفى تلك الأثناء تطوعت رٌفيدة رضى الله عنها لخدمة هؤلاء بإسعافهم وتضميد جروحهم ومداواتهم وتقديم الغذاء لهم، فنصبت في المسجد خيمة تجمعهم، وحملت معها أدواتها وعقاقيرها وعكفت على علاجهم أياماً حتى برئوا واندملت جراحهم.

الطبيبة رُفيدة من كريمات النساء، من الصحابيات الفاضلات، بايعت الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة، واشتركت فى غزوتَيْ الخندق وخَيْبر، وكانت رضي الله عنها قارئة، كاتبة، وصاحبة ثروة واسعة، حيث كانت تنفق على عملها هذا من حُرِّ مالها، وخالص ثروتها، متطوَّعة بالجهد والمال في سبيل الله.

سماها ابن سعد “كعيبة”، فقال كعيبة بنت سعد الأسلمية بايعت بعد الهجرة وهي التي كانت تكون لها خيمة بالمسجد تداوي الجرحى وكان سعد بن معاذ عندها تداوى جرحه حتى مات .

 مستشفى رٌفيدة فى الغزوات

كانت رضي الله عنها تخرج في الغزوات، وتنقل معها خيمتها بكل متطلباتها وأدواتها واحتياجاتها فوق ظهور الجِمال، ثم تُقيمها بإزاء معسكر المسلمين، تشاركها العمل الصحابيات رضوان الله عليهنَّ، لذا تعتبر خيمة رفيدة الأسلمية على الرغم من بدائيتها أول مستشفى ميداني.

مستشفى رُفيدة كما تواتر أنه أقيم لها خيمة خاصة وبارزة فى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم كمستشفى لعلاج المرضى والمصابين بجروح، ودبرت فريقًا من الممرضات حيث قسمتهنَّ إلى مجموعات لرعاية المرضى ليلاً ونهارًا.

ولم يكن عمل رفيدة مقتصرًا على الغزوات فقط، بل عَمِلت أيضًا في وقت السِّلم تُعاون وتُواسى كل محتاج؛ وكانت أول سيدة تعمل في نظام أشبه ما يكون بنظام المستشفيات في وقتنا.
أما كونها أول ممرضة في الإسلام فليس في ذلك خلاف، فقد ذاع صيتها بين معاصريها في فن الجراحة، لهذا السبب اختارها الرسول صلى الله عليه وسلم لعلاج سعد بن معاذ رضي الله عنه.

طبيبة سعد ابن معاذ

روى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت :أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق بسهم أطلقه أبو أسامة الجشمي حليف “بني مخزوم”‏، فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم رفيدة أن تقيم خيمة في المسجد لتعالجه من قريب.

وقد ورد في كتاب الإصابة أن ابن إسحاق ذكر رفيدة الأنصارية أو الأسلمية في قصة سعد بن معاذ لما أصيب بالخندق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اجعلوه في خيمة رفيدة التي في المسجد حتى أعوده من قريب”

وفي سير أعلام النبلاء ورد أنه لَمَّا أُصِيْبَ أَكْحَلُ سَعْدٍ، فَثَقُلَ، حَوَّلُوْهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا رُفَيْدَةُ، تُدَاوِي الجَرْحَى. فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرَّ بِهِ يَقُوْلُ”كَيْفَ أَمْسَيْتَ؟ وَكَيْفَ أَصْبَحْتَ؟.
فَيُخْبِرُهُ، حَتَّى كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي نَقَلَهُ قَوْمُهُ فِيْهَا، وَثَقُلَ، فَاحْتَمَلُوْهُ إِلَى بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، إِلَى مَنَازِلِهِم.

وقال البخاري في الأدب المفرد: عن محمود بن لبيد قال ولما أصيب أكحل سعد يوم الخندق فقيل حولوه عند امرأة يقال لها رفيدة، وكانت تداوي الجرحى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر به يقول كيف أمسيت وإذا أصبح قال كيف أصبحت فيخبره.

تكريم رٌفيدة

وتقديرًا من النبي صلى الله عليه وسلم، كان يُعطى رفيدة حصة مقاتل من الغنائم ، فقد ذكر أبو عمر عن الواقدي أنها شهدت خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسهم لها سهم رجل.

ولم تكن رُفيدة الأسلمية فقط هي من تداوي الجرحى ، بل كان هناك غيرها من نساء الصحابة ممن يذهبنَّ للغزو مع النبى صلى الله عليه وسلم ، ويداوينَّ الجرحى .

ومن هؤلاء، أم عطية ، والرُّبَيِّع بنت معوذ وأم سليم وغيرهنَّ

وفي صحيح مسلم “1812” عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ، قَالَتْ: ” غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ غَزَوَاتٍ ، أَخْلُفُهُمْ فِي رِحَالِهِمْ ، فَأَصْنَعُ لَهُمُ الطَّعَامَ ، وَأُدَاوِي الْجَرْحَى ، وَأَقُومُ عَلَى الْمَرْضَى ” .

وفي صحيح مسلم أيضا “1810” عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ:” كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْزُو بِأُمِّ سُلَيْمٍ ، وَنِسْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ مَعَهُ إِذَا غَزَا ، فَيَسْقِينَ الْمَاءَ ، وَيُدَاوِينَ الْجَرْحَى.

 ومن المعروف أنّه في كل عام تمنح الكلية الملكية للجراحين في إيرلندا وجامعة البحرين جائزة رُفيدة الأسلمية للطالب المميز. ويحدد الفائز بالجائزة فريق من كبار الأطباء، تمنح جائزة رُفيدة الأسلمية في التمريض للطالب البارع في تقديم أفضل رعاية وتمريض للمرضى.

  أما في الأردن فقد أطلق المجلس التمريضي الأردني في عام 2009 م جائزة الأميرة منى بنت الحسين للتمريض حيث يتم منح قلادة رفيدة الأسلمية للطلبة الأردنيين والغير أردنيين ممن تميّزوا في جميع مجالات التمريض أو فى دعم مهنة التمريض أو من قاموا بمبادرات تهدف إلى تطوير الرعاية. العلاجية للمرضى.

المراجع:

1- تاريخ الطبري- ج2- ص 586

2-  كتاب “نساء حول الرسول: القدوة الحسنة والأسوة الطيبة” للدكتور محمد إبراهيم سليم.

3- المغازي – الواقدي، ج2، ص 510

4- الحلبي السيرة الحلبية، ج2 ، ص 665

5-  سيرة ابن هشام، ج3 ص 145

كتب بواسطة

اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *