بقلم : يحي سلامة
أقترح على دعاة العَلمانية وفصل الدين عن الدولة سواء في الشرق أو الغرب أن يعلنوا إفلاسهم ويتم طرح أفكارهم التي صدعونا بها طيلة عقود في مزاد علني ربما صادف هوى أحد المهووسين بانتقاء الأشياء القديمة فيدفع فيها مايُناسب عته هذه الأفكار وازدواجية معاييرها .
وذلك لأن مايجرى في غزة من إبادة جماعية وتطهير عرقى وتجويع وحصار يتم ببث مباشر على الفضائيات أمام أعين العالم .
وبالطبع لا أطالب العالم بالإدانة أو التحرك أو حتى التهديد بفرض عقوبات على الكيان وحكومته المتغطرسة ورئيسها النازي المتعطش للدماء.
ولكن مادفعنى لكتابة المقال واختيار عنوانه
هو الإختبار الذي رسب فيه دعاة العلمانية شرقا و غربا رسوبًا مزريا .
فنتنياهو الذي خطب أمام الكونجرس الأمريكي في العام الماضي وقال بالحرف الواحد أنه يخوض حرباً ضد الإسلام الأصولي المتطرف المتمثل في إيران وحركة حماس وهو ماصادف هوى في نفس العلمانيين الغربيين والشرقيين على السواء.
فمازالت حتى كتابة هذه السطور الأبواق الإعلامية العلمانية تصب اللعنات على حماس وعلى حكم أيات الله فى إيران باعتبارهم ممثلين للإسلام الأصولي الراديكالي الذى أضر ويضر بالمسلمين والإسلام حول العالم وأن الإسلام السياسي وتجربته فى الحكم محكوم عليها بالفشل مسبقًا حتى قبل أن تبدأ.
وتناسى هؤلاء أو ربما تعمدوا النسيان والإغفال عن أن نتنياهو الذى تكفل بالنيابة عن العالم شرقه وغربه بمحاربة الإسلام الأصولى الراديكالى هو نفسه غارق حتى أذنيه فى الأصولية والرديكالية اليهودية بدءا من إقراره وإعلانه يهودية الدولة العبرية وتحالف حكومته مع الصهيونية الدينية الأصولية والتى يمثلها أهم وزراء حكومته (سيموتيرتش وبن جفير )ومماطلته فى تمرير قانون تجنيد الحريديم وأخيرا تعيينه للأصولى المتشدد ديفيد زينى رئيسا لجهاز الشاباك .
والمدهش فى الأمر أننا لم نسمع صوتا للأبواق الإعلامية المعروفة بدفاعها عن قيم العلمانية تنتقد أو حتى تلمح بالإنتقاد أن نتنياهو يتجه بالدولة العبرية نحو الراديكالية والأصولية الدينية ولا أن إسرائيل تنازلت عن مكانتها كواحة الليبرالية والديمقراطية وسط الصحراء الأصولية الراديكالية والدكتاتورية التي تمثلها الدول العربية المحيطة بها تلك النَّغْمَة المتداولة على مدى 77 عاما وهم عمر دولة الكيان .
مما يؤكد أن مصطلحات مثل الأصولية والرديكالية والعنصرية وعدم قبول الأخر هي مصطلحات تم نحتها وتداولها خصيصا للهجوم على كل ماهو إسلامي والهجوم على الإسلام كدين أو تجربة سياسية ذات خلفية إسلامية أو حتى حركات مقاومة وتحرير تنتمى للخلفية الإسلامية .
وإذا كان هذا الطبيعى والمتوقع من الغرب حكومات وأحزاب ومفكرين فغير الطبيعي والشاذ هو أن يتلقف دعاة العلمانية فى بلدنا هذه الأفكار ويرددونها كالببغاوات دون تفكير أو تمحيص وكأنهم يسيرون كقطعان الماشية فى ركب العلمانية الغربي الذى أوشك على الإفلاس بعد صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة المتخندقة بالعنصرية وازدراء الأخر للحكم فى أوروبا .