القائمة

ملك الترسو

غرفة الأخبار 20 ساعة مضت 1 4.7 ألف

ولمن لا يعرف من هو “ملك الترسو”، فقد كان هذا اللقب لقبًا شهيرًا للنجم فريد شوقي رحمه الله، حيث كانت أفلامه لا تلقى إقبالًا كبيرًا بين أفراد الطبقة الراقية والمثقفة، بينما كانت تلقى إقبالًا شديدًا بين أفراد الطبقة الفقيرة والأقل تعليمًا من العمال والحرفيين، ومن سار على نهجهم من المواطنين قليلي الثقافة، والذين كانوا يمثلون النسبة الأكبر من رواد دور السينما من الدرجة الثالثة أو المسماة بـ”الترسو”.

حيث كان النجم فريد شوقي يقدم شخصية البطل الذي لا يُقهَر، والذي يستطيع هزيمة جيش بأسره متفردًا ودون معاونة من أحد.
كما أنه يستطيع التغلب على كل منافسيه بأي طريقة كانت، تحت شعار “الغاية تبرر الوسيلة”، مما كان يثير إعجاب أفراد هذه الطبقات الدنيا، والتي غالبًا ما يعاني أفرادها من ظروف الحياة المعاكسة ومن قهر الظروف المحيطة بهم.
فكانت أفلام هذا البطل فرصة للهروب من الواقع المؤلم، عن طريق خلق واقع مزيف يستطيع فيه من يشاهد هذه الأفلام أن يتقمص دور البطل، فيواجه من لا يستطيع مواجهته في الحقيقة، وينتصر على كل منافس له، وهو الذي يخاف من مجرد مقابلته في حقيقة الأمر.

وهكذا، فقد صارت هذه الأفلام فرصة للهروب من الواقع، ووصفة مزيفة لإسعاد المقهورين، كما بات النجم فريد شوقي مثلًا أعلى لهؤلاء المقهورين، يشاهدون أفلامه ليروه ينتصر على أعدائه بأي طريقة كانت.

ويبدو أن القائمين على الأمر في هذه البلاد قد درسوا ووعَوا نفسية أغلبية الشعب المصري، والذي دائمًا ما يحاول الهروب من واقعه المتردي عن طريق خلق بطلٍ مزعوم، يتعاطف معه ويتقمص شخصيته، ليسعد بانتصاراته الوهمية دون النظر لشرعية هذه الانتصارات أم لا.
فكل ما يتمناه المشاهد هو أن يرى بطله المفضل منتصرًا.

هذا البطل الذي تم استبداله في هذه الأيام، فبدلًا من أن يكون ممثلًا معروفًا، نجده قد أصبح ناديًا يشجعه الملايين، غالبهم من الطبقة قليلة التعليم، وهذا النادي يخوض مجموعة من المسابقات تم وضع سيناريو مسبق لها، ويتم إخراجها كل سنة لتنتهي دائمًا بفوز “البطل”، تمامًا كما كان يحدث في أفلام فريد شوقي.

بغض النظر عن مستوى الكرة التي يقدمها هذا النادي، وبغض النظر عن ما إذا كانت طريقة فوزه مشروعة أم لا، المهم أن يفوز هذا النادي، لتنتشي الجماهير العريضة بهذا الفوز المزيف، فتهدأ وتنام قريرة العين.

وهكذا، تحول هذا النادي من نادٍ طبيعي ينتصر ويُهزم، إلى بطل لا يُقهَر، وإلى مخدر سريع المفعول تستطيع من خلاله الحكومات المتعددة السيطرة على وجدان هذه الجموع الغفيرة، قليلة التعليم، قليلة الثقافة…
جموع يسهل احتواؤها وقيادتها، دون أن تُكلِّف هذه الحكومات نفسها أي جهد لتحسين حياة هؤلاء البشر.

كتب بواسطة

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

تعليق واحد

تعليق واحد

  1. يقول محمد سامي احمد:

    ايه الابداع ده ماشاء الله

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *