كتب مدير مكتب القاهرة: عباس الصهبي
أكد، مؤخراً: “إيان آرثر برايمر”، الباحث السياسي الأمريكي المعروف، ورائد الأعمال مؤسس ورئيس مجموعة “أوراسيا” (شركة أبحاث واستشارات المخاطر السياسية الدولية) ومؤسس الشركة الإعلامية الرقمية GZERO Media؛ ؛ بأن الرئيس عبدالفتاح السيسي “أقوى” و”أعنف زعيم” واجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ توليه منصبه في يناير/ كانون الثاني الماضي.
شهادة.. جاءت من أهلها!
وأضاف “برايمر”- المشهور بتركيزه على “المخاطر السياسية العالمية” – في تغريدة على حسابه بموقع “إكس”:
– أتوقع أن يلغي الرئيس المصري زيارته للبيت الأبيض إذا أُدرج على جدول أعمال اللقاء مقترح تهجير الفلسطينيين من غزة!
ويعني ذلك في نظر مراقبين دوليين عديدين أن الموقف المصري الحاسم ضد التهجير قد فاز بجدارة دولية، وبرز عالمياً؛ فمن جانبها، مثلاً؛ كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية، مؤخراً؛ أن مصر أوضحت لإدارة الرئيس الأمريكي، وكذلك لإسرائيل؛ أنها ستقاوم أي اقتراح لتهجير الفلسطينيين قسرًا، وأن اتفاق السلام مع إسرائيل معرض للخطر، كما أوضحت نفس الصحيفة أن مصر حذَّرت من أن طرد الفلسطينيين من شأنه زعزعة استقرار المنطقة، وتقويض معاهدة السلام مع إسرائيل، فيما وصفته الصحيفة بأنها- أي المعاهدة- “حجر الأساس في الاستقرار والنفوذ الأمريكي لعقود”!!
مصر.. تتصدر مقاومة التهجير!!
وكانت عدة صحف أوروبية قد أشارت في الأسبوع الاخير؛ إلي أن الحكومة المصرية رفضت جهود نقل الفلسطينيين من غزة؛ ووصفته بأنه “انتهاك صارخ” للقانون الدولي، ويقوِّض محادثات وقف إطلاق النار، كما يهدد الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط بكامله؛ وأن هذا السلوك يثير عودة الأعمال العدائية؛ وأن مصر أوضحت لإدارة ترامب وإسرائيل أنها ستقاوم أي اقتراح من هذا القبيل، وأن اتفاق السلام مع إسرائيل، والذي استمر قرابة نصف قرن، في خطر؛ وأن الرسالة تم تسليمها إلى البنتاجون- وزارة الدفاع الأمريكية- وإلى وزارة الخارجية الأمريكية، وأعضاء الكونجرس الأمريكي، وإلى إسرائيل وحلفائها في أوروبا، وبما في ذلك بريطانيا، وفرنسا وألمانيا؛ فيما أكد دبلوماسي غربي في القاهرة أنه تلقي رسالة مصر عن معارضتها القوية عبر قنوات متعددة؛ وقال إن مصر جادة للغاية، وتعتبر خطة تهجير الفلسطينيين قسرًا تهديدًا لأمنها القومي!
«ماكرون».. “يتشجع” ويواجه «ترامب»!!
وقد شجّع الموقف المصري على إثارة مزيد من عواصف السخط الدولية التي أحاطت باقتراح ترامب “بالسيطرة” على غزة؛ حيث دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى “احترام” الفلسطينيين وجيرانهم العرب”؛ في مقابلة أجرتها معه شبكة “سي إن إن” الأمريكية، بقصر الإليزيه في باريس؛ إذ أعرب الرئيس الفرنسي بوضوح رفضه خطة ترامب بشأن النزوح الجماعي لسكان غزة من وطنهم، وما اقترحه من خطة لإبعاد الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن المجاورتين، مع تولي الولايات المتحدة “ملكية طويلة الأجل” للجيب الفلسطيني المحاصر ما أثار ردود فعل عالمية غاضبة، وأدانته الدول العربية التي أكدت دعم حل الدولتين مع دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل.
ومع أن فرنسا كانت صريحة في دعمها لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023؛ إلا أن “ماكرون” لم يتردد هذه المرة في التنديد علنًا بسياسات تل أبيب، وبسلوكها العدواني في عملياتها العسكرية بغزة ولبنان!!
ولسدِّ الذرائع، في مواجهة مخطط ترامب بالاستيلاء على غزة وتهجير سكانها قسراً، وإقامة ما أطلق عليه «ريڤييرا» شرق أوسطية؛ أشار مراقبون دوليون إلى تقديم حكومة مصر مشروعها الخاص بإعادة إعمار غزة “في وجود” سكانها الأصليين بها، خلال 6 شهور، كمرحلة أولى؛ وهو ماتجاوبت معه دول الخليج العربي، لسدّ الثغرة التمويلية، واستعدت مشكورة لدعمه مالياً؛ وسيتم بحثه يوم 20 فبراير/ شباط الحالي في الرياض؛ من خلال مؤتمر قمة خماسي؛ يضم: مصر، والأردن، والسعودية، والإمارات، وقطر؛ قبيل انعقاد القمة العربية الطارئة في الـ27 من نفس الشهر في القاهرة؛ لتوحيد الموقف العربي تجاه تهجير الفلسطينيين من على أرضهم المغتصبة!
مفاجأة.. «اللقاء المرتقب»: قد يحدُث!!
وفيما لاحت بالأفق إمكانية عدم ذهاب الرئيس السيسي للبيت الأبيض في حال إصرار الإدارة الأمريكية على إدراج تهجبر الفلسطينيين على جدول الأعمال، مثلما تنبأ بذلك “إيان برايمر”؛ فإنه في رأي مراقبين دوليين آخرين، ومع تلاحق اخبار التطورات الدولية؛ فإن أحدث تقديرات المراقبين الدوليين قد رشحت إمكانية لقاء الرئيس السيسي مع الرئيس ترامب- وبعد أن هدأت تهديدات الاخير وصار تركيزه على أوكرانيا – ليكون لقاؤهما المرتقب في” مؤتمر الرياض” المزمع عقده بعد أيام قلائل؛ بحضور خادم الحرمين الشريفين، وولي عهده سمو الأمير محمد بن سلمان؛ لإيقاف الحرب الأوكرانية الروسية.
وفيما بات يُحسب للرئيس السيسي-عالمياً- أنه “أقوى زعيم” واجه الرئيس ترامب؛ فإن ما بات يهم كل العرب الآن انتصاره للقضية الفلسطينية؛ وعدم إغلاق ملفها؛ وإعادة إدارة المعركة السياسية في اتجاهها الصحيح، وكما كانت دائماً: بين العرب وحكومة إسرائيل المتطرفة، غير الراغبة في السلام بحل الدولتين، وليس بين العرب وأمريكا؛ مثلما كان يريدها “نتانياهو”؛ وبدهاء خُبثه السياسي، من وراء الكواليس؛ أن.. تكون!!