كتب مدير مكتب القاهرة | عباس الصهبي
غاب عنا، رغم عدم غيابه عن قلوب أجيال كثيرة؛ الكاتب الصحفي المصري الكبير أحمد عمر (84 عامًا)، يوم الجمعة الماضي، 9 أغسطس/ آب، 2024؛ صاحب فكرة ومؤسس مجلة “ماجد” الشهيرة للأطفال، وأول رئيس تحرير لها عام 1979
مسيرة.. تهزُّ القلوب!
ولد يوم 25 سبتمبر/ أيلول، 1939، وتخرج من كلية الآداب قسم الصحافة؛ وبدأ مسيرته المِهَنية في صحيفة «الاتحاد» الإماراتية، مشاركًا في تأسيسها، ثم تولَّى بها قسم المحلِّيات متابعًا لأخبار مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة المغفور له حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
كان الإنجاز الأكبر في حياته العملية، تأسيس مجلة «ماجد» للأطفال وتولِّيه رئاسة تحريرها عام 1979، وتفانيه في عمله بها؛ حتى كان، وعلى حد وصف المقربين منه؛ يعتبر «ماجد» ابنه، وأبطال المجلة كلهم أبناءه؛ إذْ لم يُرزق بأي أبناء!
وكان صحفيًا بالغ الدقة المهنية والشغف، يُمضي ليله ونهاره في أروقة المجلة؛ يُبدع ويخطط ويتابع الكُتَّاب والموادَّ، ويُحضِّر الأعداد، وعند طبع أي عدد جديد يكون قد وضع “أعداد” أسابيع أُخرى جاهزة قبلها للطبع!
مجلة.. ولدت متألقة!
تلقف الصحفي الكبير فكرة إنشاء مجلة للأطفال عندما بدأت في دهاليز جريدة “الاتحاد” الإماراتية، وأدرك أن الهدف منها إصدار مجلة مصورة بالألوان للأطفال تعتني بشؤون الطفل الخليجي، وتبتعد بفكرها عن مجلات قصص “الخوارق التافهة” المصورة للصغار، والتي كانت منتشرة في تلك الأيام؛ لتتحوَّل “ماجد” لاحقًا فتصبح إحدى أهم مجلات الأطفال في العالم العربي؛ انطلاقًا من الرغبة في إشباع حاجة الأطفال العرب إلى مطبوعة مصورة تعبِّر عن تطلعاتهم، وتُنمِّي وعيهم وخيالهم وهواياتهم ومواهبهم وعقولهم؛ فعمل- «أحمد عمر»- مع نخبة من الصَّحفيين والرسَّامين على تحويلها إلى وسيلة للتعبير عن فكر الطفل العربي ومشاعره بالكلمة والرسم الملون.
من «دانة) إلى «ماجد»!
الطريف أن الاسم المُقترَح للمجلة في البداية كان: مجلة «دانة» (تعني” دانة” الجوهرة الثمينة أو حبّة اللؤلؤ، ويُعد من أبرز أسماء البنات في العالم العربي، خاصةً في منطقة الخليج، ويمكن أن تُكتب دانه بالهاء أو دانا بالألف)، غير أن الصحفي المبدع أحمد عمر نجح في إقناع الجميع بأن يكون اسم المجلة «ماجد»؛ وقام بتكليف الشاعر والموسيقار خليل الحدَّاد بكتابةَ كلماتِ أغنية وتلحينها لتكون دعاية للمجلة، وسُجلت بأصوات عدد من الأطفال مع فرقة موسيقية، وبُثَّت الأغنية في تليفزيون أبو ظبي وبعض التليفزيونات العربية، ولاقت قَبولًا مكتسحًا حقَّق لها شهرة كبيرة!
والأطرف أن أولُ أعداد المجلة، الصادر يوم الأربعاء 28 من فبراير/شباط، 1979، وصل عدد نسخه إلى 5000 نسخة، وُزِّعت أغلبها بالمجَّان، غير أنها اختفت فورًا من الأسواق؛ لتصبح من وقتها ذائعة الانتشار بقوة؛ فقد أبهرت شخصية “ماجد” طفلًا الجميع؛ بما عبرت عنه من القيم الإنسانية العروبية النبيلة، بعيدًا عن الأبطال الخارقين، ممَّا جعل “ماجد” قريبًا من قلوب أطفال العرب بكل مكان؛ واستمرَّت مجلة “ماجد” في الصدور أسبوعيًّا بنجاح- كل أربعاء- ودون انقطاع، محقِّقة انتشارًا واسعًا في كل أرجاء العالم العربي.
صحفي «رائد».. بلا مثيل!!
وقد اجتهد الصحفي المبدع “أحمد عمر” بعمله الدؤوب في جعل مجلة “ماجد” رمزًا للطفولة العربية، ومحطة أساسية في ذكريات الأجيال المتعاقبة.
ومعروف أن له قصصه المنفردة والمصوَّرة للأطفال؛ منها: «كسلان جدًّا حول العالم»، و«كسلان جدًّا وحكاياته العجيبة»!
وقد حصد جائزة “صحافة الطفل”، عام 2004؛ تكريمًا لإسهاماته الكبيرة في هذا المجال.
رحم الله فقيد الصحافة المصرية والعربية الرائد المبدع الكبير، وأسكنه الفردوس الأعلى؛ جزاء ما قدمه من متعة إنسانية حقيقية نبيلة وخلوقة لأطفال العروبة على مدى الأجيال.