ضوء في آخر النفق: تلفزيونات “أورديحي” وأخري لأهل الجولف!
بقلم – محمود الشربيني:
على ماذا يراهنون؟ هم واثقون من حجم الغضب والقرف والزهق ممايفعلون؟ إنهم المشتغلون بالإعلانات التليفزيونية التي لم تعد مبتكرة وباتت اجترارًا ل”تيمات” صارت تراثًا!
مجرد اغنيات راقصة يلعبها راقصون كومبارس لا تثير سوى الغيظ والحنق مما يشاهدونه كل خمس دقائق، مكررًا لدرجة الملل، كما لو أنه يذاع للمرة الأولى! وكأنهم يستلهمون مقولة “التكرار يعلم ال…ار”!
يتندر غالبية المشاهدين على هذه الأعمال المزعجة، وبخفة دمهم وحس فكاهتهم العالي يسخرون منها بقولهم: “احترنا ما بين الإعلانات،”مش عارفين نعمل إيه .. نلبى دعوة إعلان ينادينا ويقول تعالى تعالى ولا نأجل ونستنى ونستنى “؟!
يغنون للسمن والزيت والشاي والصابون وشركات الإتصالات .. حتى المدن المليونية الأسعار؟! أغنيات غريبة عجيبة ورقصات أغرب، مكررة ومعادة منذ عقود خلت ولا ابتكار فيها ولا اختزال للمعاني فى كلمة أو صورة.
مأساة يشارك فيها نجوم كبار ..صدق أو لا تصدق يغني أحدهم “زيتنا في دقيقنا”!
رغم ارتفاع تكلفة إعداد مثل هذه الاعمال، خاصة وأن أبطالها يتقاضون أجورًا خرافية، و سعر إذاعتها الذي يحتسب بالثانية باهظ جدًا، إلا أن هذه الشركات أو الجهات المنتجة لهذه الإعلانات تصر على أن تذاع هذه الاعلانات في شهر الذروة، رمضان، بمتوسط تقريبي كل خمس دقائق! مبالغ مهولة .. تدفعها هذه الجهات ثمنًا ل “تعالى تعالى تعالى، في مقابل استنى استنى استنى!
الناس ضجت في كل مكان من هذا الإفراط في الغناء الذي لم يوفر شيئا ولا منتجا ولا جهازًا ولا لعبة ولا مدينة ولا بنكًا حتى دون أن يغني له او عليه!
الناس يتندرون على هذا كله، فحتي الافكار قديمة، لاترقى مثلًا لإعلان الببرونة الشهيرة العريقة “هناء وشرين”، ولا لأفكار ورقصات المبدع حسن خليل ملك الاستعراض.
الإعلان بالأغنية يحتاج مهارة وعبقرية في الاداء، بعض الاغنيات كان كذلك، مثل أول إعلان مصور ومغنى لمستشفيات ٥٧٣٥٧، كان عبقريًا لصوت جديد دافيء وكان مناسبًا ومؤثرا، لكن أن نصل إلى غناء “زيتنا في دقيقنا”، أو يغني أحدهم في الحمام ثم يتحول ذلك لأغنية ..فهذا ماجعل الناس في كل مكان يضيقون ذرعًا بالتليفزيون، ويتمنون لو أنهم استطاعوا التخلص من الإعلانات من خلال تلك الخدمة الجديدة التي تقدم مشاهدة مسبقة بدون إعلانات، ولكن للأسف هي خدمة غير مجانية وتحتاج ميزانية اضافية فى الايام الحالكة!
سخافات هذه الاعلانات الغنائية تجعلني أتمنى على الدول السبع الصناعية الكبري أن تسعفنا بحلول كما كانت تفعل في الماضي .. فأميركا عندما كادت تنسحق في مواجهة اليابان، ابتكرت القنبلة النووية لتجهز على هيروشيما ونجازاكي وترد على إذلال بيرل هاربور!
هتلر أوعز للعلماء الألمان ليصنعوا سيارة رخيصة جدا، تبريد هواء ولاتحتاج إلا للبنزين وتسير في كل الظروف، فكانت الخنفساء التاريخية، التي انقرضت الآن لصالح نسخ عصرية حديثة بآلاف الدولارات.
الفكرة حالمة والأمل معقود فيها على الدول الصناعية السبع الكبرى، تناشدهم إنتاج تليفزيونات فرز كامل وتفرق بين المشاهدين، فمن يرغبون في التحلية بأغاني الكمباوندات وأندية الجولف وطاقة النور في البنوك يشترون تلفزيونات مستوردة تباع خصيصا لأهل الجولف، وأما الذين يفضلونها “أورديحي” فيشترون نسختهم من شارع عبد العزيز!