:بقلم |محمود الشربيني
– الرسوم الكاريكاتورية المبتكرة منذ ثمانينات القرن الماضي، والتي تبرز الجيوب الخاوية لرجل الأسرة، بأساليب وريشات فنية مختلفة أصبحت ضمن تراث الكاريكاتير، كل رسام يرسمها بطريقته ويترك عليها بصمته.
ومن بين هذه البصمات ذلك “الكوم من اللحم”، الذي يصاحب الأب الخاوي الجيوب، والذي لا مال لديه ليشتري لهم الحليب والفول والطعمية!
مثل هذا الرجل على مر السنين لم تطرأ على ثقافته وطريقته في الحياة أي متغيرات جذرية، تجعله يكف عن تكبيل نفسه باكوام من اللحم لايستطيع تحمل مسئولياتها المعيشية، فهو يرتكب من الجرائم في حق نفسه وأولاده ما يستوجب ردعه عن الاستمرار فيها ،لكنه لا يتوقف، فهو وزوجته – أو زوجاته! – لايكفون عن الإنجاب، وما تزال أفكار العزوة، و”ولادي يساعدوني في الشغل، وجلب لقمة العيش” ونحو ذلك سائدة حتي الآن، بما يوحي بأن المجتمع يسير بهذا الطريق نحو مشكلات لاتنتهي.
فالمجمتع المصري يفتقر للأفكار الخلاقة التي توظف مثل هذه الطاقات لتكن بالفعل ثروة بشرية، ذلك أن مواردنا المحدودة لا تكفي لتحويل هذه الطاقة البشرية إلى ثروة بالفعل.
ربما الصين تستطيع وربما دولًا أخري شديدة الكثافة السكانية، استنادًا إلى مساحاتها الزراعية ومواردها الطبيعية الكافية لفعل ذلك، لكن وضع مصر الذي يتحدث عنه التاريخ وتكشفه حقائق الجغرافيا، يقطع يقينًا بأنه ليس متاحًا للمارد المصري أن يخرج من القمقم، وأن يتجاوز عمالقة الاقتصاد والقوة في العالم.
المؤمرات ضد هذه البقعة لم تتوقف على مر التاريخ، ولاحاجة لنا لاستعراضه، ذلك أنه حتى هذا الرجل ذو الجيوب الخاوية هذا يعرف ان بلاده مطمح دائمًا للقوى الاستعمارية والنهب المنظم.
في مثل هذه الحالة يجب أن تنطلق جهود مبتكرة من أجل ترشيد الانفجار السكاني المخيف، والذي بات يهدد المصري بأن تتحول زيادته السكانية المنفجرة إلى أعباء تكبل حياته، فلا مدارس تكفى للتعليم، ولا مشافى تكفى للعلاج، ولا أموال تكفى للدعم وتوفير لقمة العيش لهؤلاء الناس الذين ما زالوا يفرحون كثيرا جدًا ب(ولى العهد) في العائلة و(الأميرة الصغيرة) في الأسرة التي تتبعها أميرات أو وصيفات، وكلها أضغاث أحلام، على وقعها ينجب الأزواج مابين ثلاثة أطفال إلى ستة أطفال ..كوم لحم ..أفواه تبحث عن أرانب تقتات بها!
– الزواج السعيد الخالي من المشكلات والأعباء والهموم لم يعد له وجود، وثقافة ترشيد الانجاب تتقدم بخطى وئيدة..بطيئة..لا تصلح للبناء عليها، بأننا يمكن يومًا أن نوازن بين الانجاب والاحتياجات الانسانية لمن نهبهم الحياة.
لا أظن أننا – منذ تلك الأزمنة البعيدة، التي كانت المشافي والمصحات تميز جدرانها بأحاديث شريفة تقطع بأن “جهد البلاء هو كثرة الأولاد مع قلة الشيء” – إستطعنا أن نراكم في زيادة هذه الثقافة المرشدة للنسل ، رغم حاجتنا الملحة إليها!
دولة بحجم الصين أضطرت يوما إلى حلول قاسية لتفرض هذه السياسة وهو ما لا نستطيع، ولكننا بحاجة إلى تخطيط استراتيجي لتحجيم الكارثة التى تهددنا، والتي لو نظرنا حولنا لوجدنا شحًا فى فرص العمل، وقلة فى الإمكانيات الطبية الكافية لهذه الملايين ،وندرة فى خدمات الرعاية الاجتماعية والاقتصادية..بل أن الشارع نفسه بزحامه المهول، ينبئنا بأنه حان أوان كبح جماح هذا الانفجار.