نظرة سوسيونفسية لأسباب الهجرة السرية قرار أم فرار؟

 

شبكة تايم نيوز أوروبا| بقلم د.طايلب نسيمة-جامعة الشلف:الجزائر

عرف التاريخ الإنساني ظاهرة الهجرة على مر الأزمنة بدرجات متفاوتة و لأسباب متنوعة تعددت بتعدد البيئات، و تباينت باختلاف ظروف الطرد و الجذب، و قد عرفت السنوات الأخيرة تزايدا غير مسبوق لأعداد المهاجرين السرين، حد وصف هذا العصر بـ “عصر الهجرة”، و من أهم الأسباب الشائعة للظاهرة نجد :
1. الظروف المأساوية للمقبل على الهجرة وعدم تحقيقه لطموحاته العلمية والمهنية والشخصية في موطنه الأصلي، هذا ما يدفعه إلى البحث عن ذلك فيما وراء البحار و الحدود فيتخذ من الهجرة السرية منفذا.
2. البحث عن الاستقرار السياسي و الأمني المفقود في الدول الأصلية، و الأمر متعلق هنا بالفئات التي تعيش ضمن الدول التي تعرف انغلاقا سياسيا و توترا أمنيا في ظل الحروب الدولية أو الصراعات الأهلية.
3. اللجوء للهجرة السرية كمخرج للضغوطات الاجتماعية و الثقافية و العقائدية، تحت ذريعة الاختناق و الاحتقان الديني و السوسيوثقافي، حين يعتقد المقبل على الهجرة أن موطنه الأصلي لا يمنحه متسعا لحرية الرأي و التعبير والمعتقد.
4. البحث عن الذات، بخلق فرص جديدة لتأسيس الحياة الشخصية و المهنية، في حال كان المُقبل على الهجرة مسبوقا قضائيا أو مَوْصُوم اجتماعيا، في خطوة منه للبحث عن حياة جديدة لا تمت للماضي بصلة.
5. اللجوء للهجرة السرية من أجل العلاج أو العمل أو تجاوز الفقر و الحرمان حين يستعصي ذلك بالطرق القانونية و النظامية.
6. قد يكون ضعف الوازع الديني بين المقبلين على الهجرة غير السرية سببا في الإقبال عليها، هذا ما يدفع بعضهم للتفكير في طرق الهجرة و فوائدها دون التبصر في حكمها و مضارها.
7. توهم الجنة وراء البحار و الصحاري أو خلف الحدود بناء على الصورة النمطية المسوقة عن الآخر و تحت وطأة احتقار الأنا، إذ يعتقد أغلب المهاجرين بطريق سرية أن الدول التي يقصدونها ستوفر لهم كل مستلزماتهم و متطلباتهم بمجرد الوصول إليها، بغض النظر عن أوضاعهم التعليمية، الاجتماعية، الثقافية أو الصحية.
كل هذه الأسباب و أخرى، و إن كانت واقعية لكنها اختزالية تختصر الواقع في بعده المادي دون الإحاطة بالظاهرة من كل زواياها، فالهجرة مخاطرة و مغامرة بالنفس قبل أن تكون ضرورة واجبة و مشروعة، خاصة و أننا نشهد في السنوات الأخيرة موجات لهجرة أسر بأكملها، و لم يعد الأمر حكرا على الذكور أو الشباب فقط بل امتد إلى الإناث و مختلف فئات المجتمع، لذا وجب تكاثف جهود المجتمع الدولي للنظر في الظاهرة، وعلى مؤسسات التنشئة الاجتماعية أن تسترجع أدوارها، وعلى تشكيلة المجتمع المدني و الهيئات الحكومية و غير الحكومية التفكير الجدي و العميق في المسببات السوسيونفسية لتزايد الإقبال على الهجرة، و من ثم معالجتها بالتوعية المجتمعية المتكاملة، فأغلب الحالات لا تعبر عن قرارات مدروسة، بقدر ما هي فرار من أوضاع ميؤوسة.

عن admin1

شاهد أيضاً

الإفلاس الإبداعي للإعلانات التجارية في اختزال الشعور بالسعادة بالرقص

بقلم | عنتر المصيلحي تعتبر الإعلانات واحدة من أهم سائل التسويق التى يعتمد عليها وتستخدمها …

تعليق واحد

  1. كلام تبريري انبطاحي يظهر كم الاستاذ ضعيف ولا يرقى الى التحديات التي وجب عليه اعداد الطالب لها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *