القائمة

يا ضمير العالم يا نسيني… أنا واحد واسمه فلسطيني

Magda Mahmoud يوم واحد مضت 0 8.5 ألف

يا ضمير العالم، أما زلت صامتًا؟ أما زلت غارقًا في ازدواجية المعايير؟

أما زلت تكتب البيانات الباردة وتُدير ظهرك لمجازر الدم؟

اليوم، لم يكن القصف على جبهة عسكرية ولا في قلب معركة مسلحة، بل كان في أقدس مكان لإنقاذ الأرواح… في مستشفى ناصر بخان يونس. هناك حيث يرقد الجرحى والمصابون، حيث يختبئ الأطفال خلف أنين أمهاتهم، وحيث يُقاتل الأطباء بالمحاليل والضمادات لا بالرصاص.. لكن الاحتلال قرر أن يعلن حربه على الحياة ذاتها.. في تمام العاشرة صباحًا، استهدفت قوات الاحتلال مبنى مستشفى ناصر من مسافة لا تتجاوز ثلاثة كيلومترات.. الصواريخ اخترقت سقف الأمل، وحوّلت غرف العلاج إلى مقابر جماعية.. المرضى والجرحى كانوا يصرخون طلبًا للنجاة، لكن الرد جاء بصاروخ آخر.. لم تكتفِ آلة القتل بما فعلته أول مرة، فعادت لتضرب مجددًا بينما كانت فرق الدفاع المدني تُخرج الأشلاء من تحت الركام.

في لحظة واحدة، سقط 15 شهيدًا، بينهم من حملوا الكاميرا بدل السلاح، الكلمة بدل الرصاصة.. سقطت الصحفية مريم أبو دقة، ومعها معاذ أبو طه، محمد سلامة، أحمد أبو عزيز، وقبلهم كان المصور حسام المصري، الذين قرروا أن يصرخوا بالحقيقة في وجه الموت، فجاء الرد صاروخًا مزّق أجسادهم.. حتى خيام النزوح لم تسلم، فالرصاص الغادر أوقف قلب زميلنا الصحفي الدكتور حسن دوحان داخل خيمته، ليكتب بدمه الخبر الأخير: حتى المنافي لم تعد آمنة.

أي قانون هذا الذي يسمح بتحويل المستشفيات إلى ساحات حرب؟

أي مواثيق تُجيز قتل الصحفيين بدم بارد؟

أين مجلس الأمن؟ أين المحكمة الجنائية الدولية؟ أين أنتم يا من تصرخون لحرية الصحافة حين تُمسّ مصالحكم؟

ما حدث في مستشفى ناصر ليس “حادثًا عرضيًا” كما سيقولون في بياناتهم الخجولة… إنه جريمة حرب مكتملة الأركان، موثقة بالصوت والصورة والدماء.

يا ضمير العالم، لا تقل إنك لم ترَ.. الشاشات تنقل، الصور تنتشر، الأشلاء تصرخ من تحت الركام.. هذه ليست أرقامًا تُكتب في تقارير الأمم المتحدة…هؤلاء بشر، أطباء، أطفال، إعلاميون، مرضى…

هؤلاء هم فلسطين التي قرر العالم أن ينساها.

أنا واحد… واسمه فلسطيني

من فجر التاريخ حملت هويتي دمًا وحبًا لهذه الأرض، واليوم لا أطلب أكثر من متر يضمن لي أن أُدفن بكرامتي. إذا كان صمتكم سيُسكت صوتي، فليعلم العالم أن صوتي سيظل يعلو من بين الركام:

لن نموت إلا واقفين، ولن تُكسر الكاميرا قبل أن تكسر هذه اليد التي تكتب الحقيقة.

يا ضمير العالم، إما أن تستيقظ… أو تسقط للأبد في وحل الخيانة.

magy-news@hotmail.com

كاتب

كتب بواسطة

اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *