كتب مدير مكتب القاهرة | عباس الصهبي
بدأت الإدارة الأمريكية في عهد رئيسها الحالي تستيقظ، وإن كان متاخراً؛ فلم تعد قادرة على تصديق ما يردده “نتنياهو” في كل لقاءاته وخطبه الرنانة الأخيرة من ادعاءات مزعومة بصولات وجولات وانتصارات جيش اليمين المتطرف ضد حماس!! وبدليل إصرار وزير خارجيتها نفسه- “أنتوني بلينكن”- في زيارته الأخيرة لإسرائيل على لقاء رئيس الأركان، و”على انفراد”؛ ليسمع منه، ويكلمه؛ و”بدون وجود رئيس الوزراء” في هذا اللقاء!! على غير المعتاد!!
تعنت إسرائيل.. أضرّ بمصالح الغرب!
فالدعم الأمريكي اللامحدود للكيان الصهيوني من غير تحقيق أي نتائج إيجابية على أرض غزة الباسلة فىما أطلقوا عليه أنه «حرب» صارت الآن في شهرها الخامس ولم تثمر إلا عن مزيد من تكرار “نفس النتائج” الكارثية في قتل المدنيين الأبرياء؛ رغم ما سببته من دمار “لاإنساني” شامل؛ وما كشفت عنه محكمة “لاهاي”- العدل الدولية- من شُبهة إبادة عرقية؛ قد أساءت إلى سُمعة إسرائيل الدولية؛ أمام أصدقائها في أوروبا وأمريكا شعوباً وحكومات؛ فضلاً عن بداية العدّ التنازلي المتصاعد لخسارة أمريكا لمصالحها وحلفائها في الشرق الأوسط، وفقدانها هيبتها، وهيبة نظامها الدولي الجديد، وإلى حدّ الجرأة على مهاجمة قواعدها وأماكن تمركز عسكرييها في الشرق الأوسط، ليمتد ذلك إلى قتل بعض جنودها وضباطها، وبشكل لم يحدث له مثيل في العقود الأخيرة!!
شخص واحد.. وراء كارثة عالمية!
كل ذلك كان قد آن له أن يتوقف، ومنذ عدة شهور؛ لولا أكاذيب “نتنياهو” وادعاءاته الوهمية لمجرد “إطالة زمن الحرب وتوسيع نطاقها”؛ ليضمن تحقيق هدفه الشخصي بالبقاء في السلطة ما أمكن؛ ولإدراكه أنه لو أعلن وقف الحرب دون تحقيق أحلامه الواهمة الثلاثة فيها، والتي “جرجر” إسرائيل وكل حلفائها إليها: القضاء على حماس، وإنقاذ الرهائن، وعدم مشاركة حماس في أي سلطة حاكمة لقطاع غزة؛ إذا لم يحقق نتائج فيما برر به هذه الحرب، فسوف يفقد حصانة منصبه السياسي، فلا يترشح في أي انتخابات مبكرة قادمة تنادي بها المعارضة؛ والأخطر بالنسبة له أنه سيواجه تحقيقات بشأن خسائر حرب غزة، فضلاً عن محاكمته في قضاياه الـ”3″ القديمة المتعلقة بالفساد!!
تفعيل المادة «25».. ضد بايدن!
لقد أوقع “الفشل المتوقع” لـ”نتنياهو” حليفه الأكبر “بايدن” في مأزِق كبير، لا سبيل للخروج منه منتصراً في الانتخابات الأمريكية القادمة، حتى ولو بادعاء “النسيان” والذي قد يكون له تبريره، في نظر بعض المراقبين الدوليين؛ والخاص بعمره الثمانيني؛ فما حدث في غزة خلال الشهور الأخيرة لا يمكن تبريره حتى بحدوث ما يشبه أو يقارب حتى الإصابة بـ “زهيمر سياسي مفاجىء” أصاب “الرئيس الأكبر” في العالم سناً وقيمة وقامة!! وقد تندَّر عليه إعلاميون مصريون كثيرون مؤخراً؛ أهمهم: “عمرو أديب” و”مصطفى بكري”؛ حين أكد- “بايدن”- وبلهجته- الميلودرامية- الحادة والجادة في واقعيتها” الحكائية” الخطابية المفرطة؛ خلال حديثه عن أزمة غزة؛ فوصف نظيره المصري الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنه “رئيس المكسيك”!! وتعتبر هذه” ثالث” زلة لسان، وفي أقل من أسبوع واحد؛ حيث سبقتها “زلتان” أولهما عندما اختلط الأمر عليه بين زعيمة أوروبية وسلفها المتوفى؛ حين أكد خلال مناسبة انتخابية أنه التقى المستشار الألماني “هيلموت كول” الذي توفي عام 2017 بدلا من “أنچيلا ميركل”.
أما الزلّة الأخرى فحدثت عندما أكد قبل أيام أنه تحدث إلى الرئيس الفرنسي الراحل “فرانسوا ميتران” بينما كان يقصد الرئيس الحالي “إيمانويل ماكرون”؛ إذ يرى المراقبون أنه فيما تستمر زلات لسان” بايدن”، وخلطه بين الأشخاص والألقاب، تثور الشكوك بشأن قدرة الرجل البالغ من العمر 81 عاماً على قيادة الولايات المتحدة لفترة رئاسية تبدأ العام المقبل إذا أُعيد انتخابه؛ وكان ذلك ما تلقَّفه عدد من المشرّعين الجمهوريين كفرصة سانحة لتسديد ضربة إليه-” موجعة”- عندما دعوا إلى تفعيل التعديل الـ”25″ من الدستور الأمريكي؛ والتي تتيح إمكانية عزل الرئيس الأمريكي في حال ثبت عدم قدرته على قيادة البلاد!! .
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ما حدث لرئيس كبرى دول العالم كان بسبب “ضغوط” محاولة نسيان وتجاهل مصائب “نتنياهو” في توسيع دائرة الحرب لتمتد إلى “رفح”، رغم تحذير الرئيس السيسي، وتأكيده أن دخولها” خط أحمر”؛ ورغم تأكيد تقارير الاستخبارات الأمريكية فشل رئيس الوزراء المتعنت في حربه ضد “حماس”، ما يوحي ويوصي في مضمونه العام بضرورة أن يسرع “بايدين” بغسل يديه من سياسة دعمه غير المشروط لرئيس الوزراء “المتهور”؛ والذي لم يعد من حقّه توسيع الحرب في “رفح” بما سيهدد في النهاية علاقة الولايات المتحدة مع مصر؛ وهو ما أراد أن يتأكد منه “بلينكن”- دون أن يجرؤ على إعلانه- في لقائه المنفرد مع “رئيس أركان” الدولة العبرية؟!