كتب مدير مكتب القاهرة | عباس الصهبي
من حق الرئيس الأمريكي- في نسخته الجديدة- أن يقول ما يشاء في خطابه- شبه الملكي- وأن يُدلي بقراراته الرئاسية الفورية- شبه الجادة- وأن يضحك ويُضاحك من حوله، بل وأن يرقص أو يتراقص- على هواه- في أولى لحظات حياته الرئاسية (مثلما فعلها ورقص بالسيف برفقة قرينته السيدة “ميلانيا” في واشنطن)!!
إنه رئيس أعظم وأكبر دولة في تاريخ العالم؛ بما تملكه من مقدرات عالمية لا مثيل لها، قادرة على حشد عدة جيوش، لحرب “عدة دول”، واكتساحها، في “وقت واحد”؛ بما لديها من أسلحة دمار شامل، لم يشهد العالم أقوى منها، وبما تملكه من علماء وتكنولوچيات واسعة المدى!!
ولكن، هل ينبغي على العرب أن “يفزعوا” من كلماته وتصوراته وتهديداته، رغم أنهم أكثر من “وعوا”، بل ورأوا بأعينهم؛ قدرات أمريكا الفائقة المتفوقة حتى على قدرات الـ”27” دولة في “الاتحاد الأوروبي” مجتمعة؟!
بالطبع، “لا”!!
لماذا؟! لأن شخصية الرئيس الجديد- حتى في نسخته الجديدة- وإن بدت في أشد حالات الكبرياء تهوراً، إلا أنها تتماهى مع طبيعة شخصيته الواضحة، والصريحة، والمباشرة؛ كما أنها رغم تأييدها المعروف لإسرائيل؛ تؤكد- من وجهة نظره وبرأي مراقبين دوليين- رغبته الشخصية في نيل جائزة نوبل للسلام؛ كداعم للسلام العالمي؛ عبر التزامه، في كل تصريحاته المعلنة الأخيرة؛ بإنهاء كل النزاعات والحروب في العالم؛ ليعم السلام والرخاء كل الأرجاء- “لكن ليس من منطلق الحقوق المشروعة” للشعوب!! – والتي ربما هو نفسه قد اقتنع من داخله بأن كل الإدارات الأمريكية السابقة قد فشلت فيها بعد أن تورطت بها!!
ولذا، فالحل الصريح والواضح في اجتهاد رؤيته الجديدة كان “الاعتماد” على خبرته الناجحة الطويلة في عقد “صفقات” مع كل الدول المتنازعة لـ”تمرير” رؤيته للسلام العالمي من وجهة نظره؛ حتى يعم الرخاء ويتقلص “التضخم”؛ ابتداءً من الولايات المتحدة، التي وعد مواطنيه فيها، ومن أول يوم؛ بخفض الأسعار، ليكون عهده أفضل عهد في تاريخ أمريكا كله!!
ونحن، كعرب، الآن؛ أمام رئيس أمريكي؛ أكثر تمرساً في التحكم بـ” أزرار” أسرار السياسة الدولية، وعلى الأقل؛ هو: “رئيس يقول ما يفعل، ويفعل ما يقول”، وليس مثل من” جرَّبناهم” من “قادة” سابقين؛ كانوا يقولون قولاً، ويفعلون عكسه تماماً في الخفاء!!
إننا كعرب؛ ينبغي ألا نضع أنفسنا موضع “الخوف” من كل رئيس أمريكي جديد، ونضيع الوقت في التساؤل: كيف نتعامل معه، ومع درجة “عقلانيته” أو “تهوره” المتوقعة؟!
بل، لا بد من وضع “رؤية استراتيچية” لـ”مشروع عربي”، ليس بالضرورة أن يكون “موحداً”، لكنه “يتناغم” في تفاعله مع “طموحات” الرئيس ترامب؛ حتى لا نعود في كل مرة بـ”قضية شعبنا الفلسطيني”العادلة” إلى “المربع رقم صفر!!”؛ مع مزيد من الضحايا وأعباء الخسائر الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المتزايدة؛ بينما “القضية” – الأهم من كل قضايانا الأخرى؛ تظل كما تركها الرئيس الراحل أنور السادات! إن لم تكن قد باتت أسوأ مما تركها!!
واضح أنه من المهم لنا كعرب، في مواجهة “مشروع ترامب” المعلن والصريح أن يكون لنا في المقابل “مشروع عربي” صريح وواضح هو الآخر، يتفاوض مع المشروع الأمريكي الجديد القديم، وبكل وعي، بعيداً عن “اللاءات: “الصدامية”، و”القذَّافية”، و”البشَّارية” الجوفاء، سابقة الإعلان- والتجهيز- وبما يتماهى مع «المشروع الترامبي» بعد أن حدث تغير مفاجىء وخطير؛ في خريطتنا الجغرافية السياسية العربية- شئنا أم أبينا- ودون أن تفيدنا «اللاءات» المُهْدِرة لدمائنا وثرواتنا، وخاصةً في وقتنا الحالي!!
ونحن نثق في وعي الجيل الجديد من حكامنا العرب، ونأمل في “توزيع الأدوار” للتماهي مع “المشروع الترامبي” والتفاوض في كل دقائقه، وإدراك ما وراء كل خطوة فيه قبل الإقدام عليها!!
فـ”أوراق الكوتشينة” التي يريد أن “يكسب” الرئيس “ترامب” لعبتها، ويراهن بمجده الشخصي وقدرات دولته العظمى عليها؛ إنما يوجد أغلبها، إن لم تكن كلها، في الأصل؛ بأيدينا.. نحن!!