القائمة

الطبقية الزائفة في الغُربة: لماذا يُمثلنا الفاشلون؟

غرفة الأخبار 6 أيام مضت 0 2.1 ألف

منذ سنوات طويلة، والمصريون في الخارج يعانون من مشكلة شديد الْخَطَر لا أحد يُريد التحدث عنها بوضوح: من يمثلنا في المهجر؟ من يتحدث باسمنا؟ من يتم تقديمه بصفة واجهة للمصريين في الخارج؟ للأسف، الإجابة مخزية. أغلب ( وأقول هنا اغلب وليس الكل ) هؤلاء ليسوا الأكْفاء، ولا العُلماء، ولا المثقفين، ولا الناجحين في مجالاتهم. بل على العكس، في معظم الأحيان نجدهم مجموعة من الفاشلين، الذين لا يمتلكون أي مؤهلات علمية أو ثقافية أو حتى قدرة على التعبير بلغة البلد الذي يعيشون فيه.

كنت أكتب وأناقش كثيرًا في الماضي عن المصريين في المهجر، لكنني انسحبت لأنني شعرت أنه “لا فائدة”.
مع ذلك، لا يمكنني تجاهل التدهور المستمر في تمثيل المصريين في الخارج، حيث أصبح الجهلاء والمنافقون هم الواجهة، في حين يتم تجاهل الكفاءات الحقيقية

كيف أصبح الفاشلون قادة الجاليات؟

القوانين في أوروبا تسمح لأي شخص بتأسيس جمعية أو منظمة اجتماعية، دون الحاجة إلى مؤهلات علمية أو خبرة سياسية. وبمجرد أن يضع شخص ما على ورقة شعارًا أو اسمًا رسميًا، حتى لو كان بلا نشاط حقيقي أو سجل ضريبي، يجد نفسه يُقدَّم من قبل السفارات والجهات الدبلوماسية على أنه “رئيس الجالية” أو “ممثل المصريين في الخارج”.

والنتيجة؟ أشخاص لا يعرفون حتى لغة البلد الذي يعيشون فيه، يظهرون في الإعلام المصري بصفة متحدثين باسم الجالية، يرددون كلامًا ركيكًا، لا يقدمون شيئًا مفيدًا، ولا يعكسون الصورة الحقيقية للمصريين في الخارج. الأسوأ من ذلك، أنهم في معظم الأحيان يسيئون لصورة المصريين أكثر مما يخدمونها.

لماذا يتم تهميش الكفاءات الحقيقية؟

المصريون في الخارج ليسوا مجرد هؤلاء الطبالين. هناك آلاف العلماء، المهندسين، الأطباء، الباحثين، وأصحاب المشروعات الناجحة الذين رفعوا اسم مصر في الخارج. لكن هؤلاء لا يتم تسليط الضوء عليهم. لماذا؟ لأنهم ليسوا من هواة التطبيل. لأنهم لا يجيدون المجاملات الرخيصة، ولا يقضون وقتهم في النفاق. لأنهم لو تكلموا، فسيتحدثون بواقعية وينتقدون الأخطاء، وهذا لا تريده بعض الجهات التي لا تحب سماع الحقيقة.

ماذا نحتاج؟
نحتاج إلى تمثيل حقيقي يعكس صورة مصر الحضارية، وليس إلى شخصيات مزيفة تدعي أنها تمثل المصريين.
نحتاج إلى إعلام محترم لا يروج لأي شخص لمجرد أنه يعرف كيف يضرب على الطبول.
نحتاج إلى دور أكثر وعيًا للسفارات المصرية في الخارج، بحيث لا تعترف إلا بالمؤسسات والجمعيات ذات النشاط الفعلي والمؤثر، وليس مجرد أسماء على ورق.
نحتاج إلى إعادة تقييم شاملة لمن يتم تقديمهم كصوت للمصريين في الخارج، وفق معايير علمية وثقافية واضحة.

مصر لا تحتاج للمُزايدة

مصر دولة ذات حضارة وتاريخ، ليست بحاجة إلى مزيد من الأصوات الجوفاء التي لا تمثل شيئًا. من يريد أن يتحدث باسم المصريين في الخارج، فعليه أن يكون على مستوى المسؤولية، لا أن يكون مجرد شخص يجيد التصفيق لأي سلطة دون أن يقدم شيئًا حقيقيًا.

متى تدرك الجهات المسؤولة أن مصر تحتاج إلى الكفاءات، لا إلى الطبالين؟

لا أكتُب هذا المقال بدافع الهجوم، بل بدافع الغيرة على صورة مصر في الخارج.
إذا كنا نريد مستقبلًا أفضل، يجب أن نكفّ عن تقديم الواجهة الخطأ، ونفسح المجال لمن يستحق.

ماذا بعد؟

كل شخص فعلا مهتم بشئون المصريين في الخارج عليه ان يقيم الاتى:-

نحو نظام جالية مصريين في الخارج يرتكز على الكفاءة والجدارة والمصداقية

في ظل انتشار الظواهر السلبية التي تعاني منها الجاليات المصرية في أوروبا، والتي تتمثل في ظهور أشخاص يُدّعون تمثيل الجالية دون أن يكونوا على قدر من الكفاءة والخبرة، بات من الضروري إعادة صياغة منظومة التمثيل والاتحاد المصري في الخارج. إذ يجب أن يكون هناك نظام موحد يحظى بموافقة رسمية من الجهات الأمنية والدولة، ويستند إلى معايير إدارية وأخلاقية واجتماعية صارمة، بحيث لا يتم التمثيل باسم مصر إلا بعد استيفاء هذه الشروط

أولاً: الموافقة الرسمية والتصديق الحكومي

يجب أن يكون تأسيس المجلس الاستشاري واللوبي المصري في الخارج – خاصة على مستوى أوروبا – بموافقة الجهات الرسمية، ولا سيما:
-الجهات الأمنية والدولة: يجب تقديم الفكرة للجهات المعنية مثل وزارة الهجرة والحكومة المصرية، والحصول على موافقتها الرسمية. بهذه الطريقة، يتم التأكيد على أن أي جهة أو جمعية تتحدث باسم الجالية المصرية لن تُعتمد إلا بعد موافقة الجهات الرسمية التي تضمن أن التمثيل يخضع لإرشادات واضحة.
-التوجيهات السفارية: توجيه التعليمات إلى السفارات المصرية في الخارج بعدم الاعتماد على أي جهة أو شخص يدّعي التمثيل الرسمي للجالية إلا إذا كان معتمدًا من المجلس الاستشاري الذي يستوفي كافة الشروط التنظيمية والإدارية والأخلاقية والاجتماعية.

ثانيًا: الهيكلية التنظيمية الموحدة للجاليات

يتكون النظام المقترح من ثلاث هيئات رئيسية:

  1. المجلس الاستشاري المركزي:
    -يضم رجال الخبرة والمثقفين الذين قضوا سنوات طويلة في الخارج وتمكنوا من إتقان لغة البلد الذي يقيمون فيه وفهم قوانينه.
    -يتولى مراقبة وتقييم كافة الأنشطة المتعلقة بالتمثيل الرسمي للجالية، ويُعد الهيئة العليا التي تُقر السياسات العامة وتحدد معايير التمثيل.
  2. مجلس إدارة الجالية على مستوى كل دولة أو منطقة:
    -يكون لكل دولة أو حتى لكل محافظة في دولة مثل ألمانيا (حيث توجد 17 محافظة، ويمكن تشكيل مجلس إدارة محلي في كل منها) جمعية أو اتحاد محلي يضمن التنظيم الحقيقي.
    -يشترط لكل جمعية أو اتحاد محلي أن يكون لديها تسجيل رسمي، ورقم ضريبي، وسجلات مالية واضحة، وأعضاء ملتزمين بدفع اشتراكات منتظمة، مع اعتماد نظام شفاف ومستدام.
  3. اللوبي المصري المعتمد – الاتحاد العام:
    -يُشكّل اتحادًا للجاليات المؤهلة في كل دولة، بحيث تُلغى جميع الاتحادات القائمة التي تُستخدم لتحقيق مصالح شخصية دون نشاط فعّال.
    -يكون هذا اللوبي هو الواجهة الإعلامية الرسمية للمصريين في الخارج، ويتم تكوينه بالتوافق مع المعايير الصارمة التي يقرها المجلس الاستشاري.

ثالثًا: آليات الاختيار والمعايير الواجب توافرها

لكي يكون التمثيل رسميًا ويعكس صورة مصر الحضارية، يجب أن تخضع جميع الجهات المرشحة للمعايير التالية:

-المصداقية والشفافية: يجب فحص الخلفيات والتأكد من عدم وجود سوابق أو مخالفات، وأن يكون لديهم سجل حافل في العمل المجتمعي أو المهني.
-الإلمام بلغة وقوانين البلد: لا يمكن لأي شخص أن يمثل الجالية إذا لم يكن متقنًا للغة البلد الذي يقيم فيه أو على دراية بقوانينه.
-العمل التطوعي والتزام الحضور: يُفضل أن يكون المتقدمون ممن لديهم سجل من العمل التطوعي والأنشطة المجتمعية، بدلاً من السعي وراء الشهرة أو المكاسب الشخصية.
-الاستقلالية المهنية: يجب تجنب الشخصيات التي تعتمد على الألقاب أو الأدوار الإعلامية المجسدة للمصالح الشخصية، والتأكيد على أن التمثيل يتم بناءً على كفاءة علمية وثقافية وإدارية.

رابعًا: الدور الإعلامي والمجتمعي

يتوجب على النظام الجديد أن يعمل على إعادة صياغة الصورة الإعلامية للمصريين في الخارج، وذلك من خلال:
-تنظيم مؤتمرات وفعاليات دولية: تُعقد مؤتمرات عالمية ومؤتمرات محلية ذات جودة عالية، بعيدًا عن المؤتمرات الوهمية التي تُنفق مبالغ كبيرة دون نتائج تذكر.
-التواصل الفعّال مع المجتمع: يجب أن يكون لكل جمعية محلية دور فعّال في تقديم الخدمات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، مما يعزز من تلاحم الجالية ويسهم في بناء شبكة دعم متكاملة.
-مراقبة الظهور الإعلامي: منع أي ظهور إعلامي لأشخاص أو جهات غير معتمدة من المجلس الاستشاري، وذلك للحفاظ على سمعة الجالية وصورة مصر في الخارج.


دعوة للتغيير والنهضة

إننا في عصر يتطلب منا إعادة النظر في طريقة تمثيل الجاليات المصرية خارج الوطن، وإحداث تغيير حقيقي يرتكز على الكفاءة والجدارة. يجب أن يكون لنا صوت موحّد ومعتمد رسميًا، يضمن أن تكون أي جهة تتحدث باسم مصر قد اجتازت معايير صارمة وحصلت على موافقة الجهات الرسمية. إن هذا النظام ليس مجرد مقترح تنظيمي، بل هو رؤية مستقبلية تعيد لمصر مكانتها وتضمن أن يكون تمثيلها في الخارج شفافًا، مسؤولًا، ومعبرًا عن حضارتها العريقة.

ندعو جميع المصريين في الخارج، وخاصة الذين يؤمنون بأهمية التغيير والإصلاح، إلى دعم هذه المبادرة والمشاركة في بناء نظام جالية حقيقي يعكس قيم مصر ويخدم مصلحتها في العالم. فلنكن صوت مصر الحقيقي، لا صوت التطبيل والشهرة الزائفة.


بهذا نأمل أن يكون مشروعنا خطوة نحو إصلاح الوضع الراهن، وأن يحقق الثقة والمصداقية التي يحتاجها تمثيل الجاليات المصرية في الخارج، بما يليق بمكانة مصر في العالم
وأن يحقق الثقة والمصداقية التي يحتاجها تمثيل الجاليات المصرية في الخارج، بما يليق بمكانة مصر.

كتب بواسطة

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *