كتب | سعيد السبكي
ما من شك أن تحرش الذكور بالنساء وصمة عار اجتماعية تتسبب في إفساد العلاقات الإنسانية، وربما يندهش البعض من استخدام لفظ الذكور وليس الرجال . . الذكور لهم مواصفات وسلوكيات تختلف عن شخصيات وتصرفات الرجال.
تواجه المرأة العاملة وسيدات المُجتمع مشكلات أشهرها : العُنصرية – الغَيْرَة – النميمة – تشويه السُمعة – وأشهر المشاكل هي التحرش خاصة في مجالات بعينها مثل : عالم الثقافة والفنون ” صناعة السينما ” – الإعلام بمُختلف تخصصاته – الإعلان – عروض الأزياء، ومجالات أخرى كثيرة في مختلف قطاعات الأعمال.
تلك المشكلات تواجه المرأة العاملة وقد تصيبها بأضرار نفسية نتيجة تواجدها في بيئة عملية مُحاطة بالعديد من الطباع والأفكار والشخصيات المختلفة التي قد يصعب التعامل معها، إلى جانب بعض الظروف والعوائق التي تصادف السيدات بشكل خاص، ما يجعلهن يجدن صعوبة في التوفيق والتوازن بين الحياة العملية والاجتماعية الخاصة، وقد تُهدد استقرار شُركاء الحياة ما يُزيد من مُعاناة المرأة التي قد تلجأ للهروب منه والتخلي عن مستقبلها المهني وقد تتنازل عن طموحاتها في بعض الحالات..
وبعد أن استعرضت أشهر مشاكل العمل التي تتعرض لها السيدة العاملة أحاول طرح بعض من حلول لها قد تساهم بقدر ما لتخطي العقبات كي تتمكن المرأة من سلك طريق مستقبلها العملي بيسر وراحة نفسية وتحقيق طموحاتها دون ضغوط نفسية.
بداية أوضح أن مشاكل العمل جزء من طبيعته مهما تميزتِ به حيث ان الطريق لا ولن يخلو من العراقيل، فهذه طبيعة الحياة اليومية وبيئة الدراسة أو العمل، والنجاح ليس في الهروب منها، بل في مواجهتها وفهمها جيدًا، ووضع كل السُبل لتفاديها والخروج منها والتفوق عليها، وذلك ليس بالأمر الصعب، لكنه أمر يسير إن علمنا جيدًا كيفية التغلب على العقبات ومشاكلها الملازمة لأجواء العمل”.
تتمثل العُنصرية في معاملة الفرد بشكل غير مماثل مع زملائه الآخرين وبصورة غير متكافئة كأن تجد المرأة أن مديرها يتحيز للرجال أكثر في تطبيق المهمات الوظيفية على الرغم من قدرة المرأة عليها وربما أكثر تفوقا، ولكنه يجد أن عمل الرجل أفضل من النساء، فيتعمد أسلوب التهميش وتكليفها بمهام بسيطة، تحرم المرأة من إثبات قدراتها العملية أو أن تجد تميزًا من جانب آخر من قبل المسؤولين لأشخاص غيرها تربطهم به علاقة الواسطة أو المصلحة.
على المرأة في الحالة السابقة أن تثق دائمًا بنفسها وقدرتها، وتعلم جيدًا أن المهام الصغيرة هي سلم للصعود المهام الكبرى، لذا عليها أن تقدم أفضل ما عندها في ما يكلف إليها وتضيف إليه مجهودًا خاصًا يجعل من المهمة الصغيرة مهمة متميزة كبرى تفرض نفسها على الجميع، كذلك عليها أن تحاور وتناقش المسؤولين وتثبت لهم بكل ثقة أنها قادرة على تنفيذ المهام مع سرد مقترحات قيمة للموضوع المطروح للمناقشة، وتفرض نفسها على ساحة العمل، وتحدد دورها ولا تجعل نفسها فردًا صامتًا يأخذ ما تبقى له من الهوامش، وتناقش لفرض آراءها بوعي وتميز، وتلفت الأنظار إليها بواسطة عملها ومجهودها المميز الذي يتحدث عن قوة قدراتها.
فلا تغضبي يا سيدتي إن علمتِ أنك مصدر للغيرة ممن حولك، فهو أمر إيجابي يولد الحافز ويدفعك للعمل، ولكن قد تصادفين نتيجة غَيْرَة الزملاء غير الأسوياء، وهي غَيْرَة سلبية من قبلهم، فيتبعون جميع الطرق للإيقاع بك في الفشل ووضع المصائد والمكائد لك، وهو ما قد يصيبك بالإحباط واليأس نتيجة وقوعك في شباك غيرتهم السلبية.
الحل: لا تأخذي الغيرة بغيرة مثلها تدفعك للانتقام، ولكن اجعلي تصرفك أرقى من أن تعامليهم بالمثل، واستمري في طريقك ولا تنظري لأفعالهم ولا تذكريها أمامهم، واظهري بمظهر الصامدة القوية المبتسمة دائمًا، واجعليهم يخجلون من حسن تعاملك ومقابلتك الإساءة بالحسنة، ولا تثقي فيمن حولك بسهولة وتطلعيهم على أسرارك الحرفية في العمل، ولكن اجعليها نكهة خاصة لك لا يعلم أحد عنها، وتأكدي أن العقبات، التي توضع لك بسبب الغَيْرَة وتصيد الأخطاء هي درجات يجب أن تجعليها سلمًا حافزًا لإثبات نفسك ومهاراتك وقابليها بكل إصرار وثبات مُتحدية غيرتهم بعملك الجاد.
أما الغيبة والنميمة فدعينا نتفق على أن كثرة الحديث عن هذا وذاك في مجال العمل صفة أساسية تتواجد في معظم أماكن العمل خاصة إن كنت في مجال عمل نسائي، حينها ستكثر الأقاويل المليئة بالشائعات والكلام الخاطئ، فالنساء يتفنن بذلك لملء أوقات فراغهن أو من باب التسلية وأحيانًا من باب الغَيْرَة أو خلافات تحدث في بيئة العمل فيزيد التحدث هنا وهناك.
فعندما تصادفين كثرة الغيبة والنميمة في محيط عملك عليكِ بالابتعاد تمامًا عن تلك الجلسات أو التدخل في حواراتها، كي لا يوضع عليك اللوم في أنك أخطأت في حق أحدهم، واعرفي جيدًا أن التحدث في أمور الزملاء هو تضييع للوقت وانتهاك لحقوق الآخرين، وإن وجدت نفسك مجبرة على الاستماع لمثل تلك الأحاديث حاولي أن تغيري محاور الكلام بفتح مواضيع عامة للحديث عنها بعيدًا عن التحدث عن الزملاء.
نأتي الأن الى تشويه السمعة . . للأسف هناك بعض زملاء العمل ومن هم في ذات المهنة أو ضعاف النفوس والأخلاق يستنزفون جميع قدراتهم في الإيقاع بزميل لهم يعتمدون على مبدأ “كسره بتشوية سمعته” وَسْط بيئة العمل، ويعد الأمر أكثر خطورة وله أضرار بالغة على المرأة، إذ أن لها كينونة خاصة واحترامًا لا يجوز أن يمس أو يهتك من قبل الحاقدين.
بدايةً اعلمي يا سيدتي أن هناك أمورًا لا تؤخذ بالصمت أو بالبُعد عنها واتباع مبدأ البعد عن المشاكل غنيمة، فسمعتك هي أساسك، لذا لا تجعلي أحدًا يمسسها أو يقترب منها، وإن حدث ذلك فواجهي من عبث بسُمعتك وشوهها بالأكاذيب والخداع، وكوني حازمة وقوية في مواجهتك معه، مؤكدة أن حياتك وكرامتك ملك لك وحدك، ومن يتعداها سينال ما لا يرضيه، ولا تتنازلي أو تتقاعسي في تقديم شكوى للرؤساء إن زاد الأمر عن حده لتأخذي حقك بالكامل ومحاسبة المسؤول عن ذلك، ولتجعليه عبرة لمن لا يتعظ كي لا يُفكر أي شخص مرة أخرى في تكرار الأمر.
وقد تتعرض بعض السيدات العاملات في الأماكن المُختلطة للتحرش من الزملاء أو المراجعين في أماكن العمل ومناسبات لقاءات مثل حفلات الاستقبال والندوات والمؤتمرات، وتختلف مظاهرة إما بإلقاء العبارات والمعاكسات أو الإقدام على تصرفات لا أخلاقية تعد منافية للاحترام، والالحاح فى مد جسور تواصل مختلفة، ويستغل ذوق ودبلوماسية المرأة ويصل به مستوى الغريزة الى اعتقاد خاطئ قد يُفسرة على انه نوع من الرضا والقبول، وهناك من يحاول اقتحام خصوصيات المرأة بوقاحة مما قد يشعرها بالحرج المملوء بالخوف والصمت.
تأكدي يا سيدتي أن صمتك في مثل هذه الموقف لن يخفي المشكلة أو يعالجها، بل سيزيدها تعقيدًا، لذا عليكِ بتحذير المتحرش بأسلوب التهديد أولًا، وكوني حازمة في تحدثك معه، ولا تظهري بمظهر الضعيفة الخائفة، التي من الممكن إجبارها أو تخويفها، وأظهري قوة تربيتك وشخصيتك في مثل تلك المواقف، وابدئي بالتهديد والتوعد بفضح أمره إن كرر أفعاله، وإن لم يأتِ التهديد بنتيجة فلا تخافي من فضح أمره لكشف حقيقته أمام مرؤوسيه.
- حاشية : المرأة العاملة وسيدة المجتمع ليست فريسة