القائمة

البراءة | قصة قصيرة بقلم وصوت الأديبة عبير نعيم احمد

غرفة الأخبار سنتين مضت 1 6.6 ألف

القاهرة | خاص

قصة البراءة

ازَحْتُ الْغُبَارَ عَنْهَا؛ وَضَعْتُهَا أَمَامَ الْحَائِطِ. هِيَ الْوَحِيدَةُ الَّتِي لَمْ يَسْرِقْهَا اللُّصُوصُ مِنْ مَنْزِلِي الْقَدِيمِ.

لَمْ تَعْبَثِ السَّنَوَاتُ الطَّوِيلَةُ بِجَسَدِهَا الْبَارِدِ الْأَمْلَسِ؛ لَعَنْتُ اللُّصُوصَ أَنَّهُمْ تَرَكُوهَا!
نَعَمْ لَعَنْتُهُمْ حَتَّى لَا أَرَانِي اقْتَرَبْتُ مِنْهَا. دَنَوْتُ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ؛ حَتَّى صِرْتُ فِي مُوَاجَهَةٍ مَعَ تِلْكَ الْمِرْآةِ؛ انْدَهَشْتُ مِنَ الْمَلَامِحِ الْمُخْتَلِطَةِ بِبَقَايَا الْغُبَارِ الَّتِي عَكَسَتْهَا أَمَامِي.

وَضَعْتُ يَدَيَّ عَلَى مَلَامِحِي؛ أَتَحَسَّسُ بَرَاءَتِي. لَمْ أَجِدْهَا! صَرَخْتُ؛ مَدَدْتُ يَدَيَّ؛ أَسْتَنْجِدُ بِنَفْسِي بِلَا جَدْوَى.
سَمِعْتُ فَجْأَةً خُطُوَاتِ أَقْدَامٍ مِنَ الْخَلْفِ، فَجَاءَتْنِي طَعْنَةُ سِكِّينٍ؛ تَخْتَرِقُ ظَهْرِي. يَبْدُو أَنَّ اللِّصَّ قَدْ عَادَ مِنْ جَدِيدٍ!
أَرَدْتُ أَنْ أُلْقِي نَظْرَةً أَخِيرَةً عَلَيَّ. مَا أَجْمَلَ طُفُولَتِي، بَرَاءَتِي الْعَائِدَةَ مِنَ الْمَوْتِ؛ أَمْسَكْتُ بِطَرْفِ ثَوْبِ اللِّصِّ؛ أَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ: خُذِ الْمِرْآةَ، وَاتْرُكْ طُفُولَتِي بَرَاءَتِي.

الإذاعي القدير د. هشام محفوظ

انتهت القصة القصيرة واليكم نقد يغوص فى أعماقها كتبه الدكتور هشام محفوظ رئيس شبكة البرنامج العام :

قصة.. البراءة..
قصة قصيرة جداً..
وميض لغوي
تعكس من خلاله القاصة عبير نعيم أحمد..صراع الإنسان مع الزمن..بكتله الماضية والواقعية..
في حضور المرآة التي افترش سطحها الأملس البارد غبار الماضي.. المرآة/الماضي من المنزل القديم..في الحاضر تعكس أزمة القلق الإنساني ومتاعبه إزاء واقعه الذي يبذل كل جهد من أجل التواؤم معه..
حضور اللص بسكينه في النص في مواجهة صاحبة المرآة وطعنها من ظهرها يكشف عن فوران مشاعر الحنين إلى الماضي حيث البراءة والطفولة ،وصدق المشاعر..فلا أحد يطعن أحداً من ظهره..على النحو الذي مُنيت به الشخصية في الحاضر..
بطل هذا الوميض السردي يمثُل في زعيق هذا الصراع بين ماضوية الشخصية المترعة بالحنين إلى براءة زمنية البساطة والتلقائية..وحاضرها المقلق المثقل بالإشكاليات

اللص هو سارق الزمن..اللص دال رامز إلى عثرات حاضر الشخصية الواقعي..

رسالة النص تكمن في تفعيل حنين كل منا إلى ماضويته لنواجه بكل حسم وعزم تحدياتنا الواقعية فلا نسمح لأي من تلك التحديات الإجهاز علينا من ظهورنا..فيغتال براءتنا
النص ..دعوة إلى وجوب الاستفاقة لنحمي أجمل ما فينا..ونحمي ظهورنا وماضينا وحاضرنا أيضاً..

كتب بواسطة

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

تعليق واحد

تعليق واحد

  1. يقول عباس الصهبي:

    ما أروعها من قصة قصيرة.. ولعل من أروع ما فيها.. نهايتها بـ«لحظة التنوير» فيها.. فهي تؤكد موهبة الكاتبة.. فكل التحية والتقدير لها.. ولها أيضاً ولـ«تايم نيوز» جزيل الشكر على إمتاعي بهذا العمل الراقي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *