بقلم الإعلامية دكتوره: ماجده عبد العال
لم يعد الإعلام مجرد وسيلة لنقل الأخبار والمعلومات، بل أصبح قوة مؤثرة تشكّل الوعي العام، وتوجّه الرأي العام، وتسهم بشكل كبير في بناء المجتمعات الحديثة. فالكلمة والصورة لم تعدا محايدتين، بل صارتا أدوات فعالة تُستخدم للتأثير والإقناع، سواء بشكل إيجابي أو سلبي.
في كل يوم، يتعرض الناس لفيض من الرسائل الإعلامية عبر القنوات التلفزيونية، والإذاعية، والصحف، ووسائل التواصل الاجتماعي. ومع تكرار هذه الرسائل وتنوع مصادرها، يتكون لدى الجمهور فهم معين للقضايا المختلفة، وقد يتخذ قرارات أو يبني مواقف بناءً على ما وصله من معلومات، حتى وإن لم تكن دقيقة أو مكتملة.
وهنا تبرز خطورة الإعلام، وأيضًا أهميته. فالإعلام الواعي والمسؤول يستطيع أن ينير العقول، ويرتقي بثقافة المجتمع، ويساعد على نشر القيم الإيجابية مثل التسامح، والتعاون، والانتماء. في المقابل، يمكن للإعلام غير المهني أن يضلل الناس، وينشر الشائعات، ويغذي الانقسام والكراهية.
واحدة من أهم وظائف الإعلام اليوم هي زيادة وعي المواطنين. من خلال البرامج الحوارية، والتقارير الميدانية، والمقالات التحليلية، يستطيع الإعلام أن يشرح القضايا المعقدة بلغة بسيطة، ويوصل صوت الناس، ويضغط من أجل الإصلاح والتغيير. وعند حدوث الأزمات أو الكوارث، يكون الإعلام هو المصدر الأول الذي يلجأ إليه المواطن للحصول على المعلومات والتوجيهات، مما يزيد من أهمية دقته ومصداقيته.
وفي ظل التغيرات السريعة التي يشهدها العالم، أصبح الإعلام يلعب دورًا حيويًا في التعامل مع التحديات الحديثة. فمواضيع مثل التغير المناخي، والذكاء الاصطناعي، والصحة النفسية، لم تعد قضايا نخبوية، بل أصبحت تلامس حياة الجميع. وهنا يأتي دور الإعلام في توعية الناس بهذه القضايا، وتحفيزهم على التفكير، والمشاركة، واتخاذ خطوات إيجابية نحو المستقبل.
الإعلام أيضًا يسهم في بناء الرأي العام تجاه قضايا محلية ودولية، من خلال تحليل الأحداث وتقديم زوايا متعددة للنقاش. وكلما كان الإعلام مهنيًا، محايدًا، ويستند إلى الحقائق، كان تأثيره أعمق، ومساهمته في التنمية أقوى.
وفي النهاية، يمكن القول إن الإعلام لم يعد مجرد مرآة للمجتمع، بل أصبح صانعًا له. فبقدر ما يكون الإعلام مسؤولًا وواعيًا، يكون المجتمع أكثر وعيًا، وتكون قراراته أكثر نضجًا، ويكون مستقبله أكثر إشراقًا.
Email.magy-news@hotmail.com