القائمة

إندماج الأجانب فى المُجتمع وهم | هولندا هي المُشكلة (1)

غرفة الأخبار 4 أيام مضت 0 1.3 ألف

كلما تكيفت أكثر، كلما تم استبعادك أكثر. هذه هي الحقيقة القاسية للعديد من الأشخاص من أصول مهاجرة في هولندا. على الرغم من سنوات من الجهود للتكيف والاندماج، لا يزالون يواجهون التمييز والوصم والإقصاء. حان الوقت للاعتراف بأن المشكلة ليست فيهم، بل في مجتمع يرفض قبولهم بشكل كامل.
مفارقة الاندماج
غالبًا ما يُنظر إلى الاندماج على أنه طريق ذو اتجاه واحد: يلتزم القادم الجديد بالتكيف، ويتعلم اللغة، ويتبنى العادات، وبالتالي يصبح جزءًا من المجتمع. ولكن ماذا لو لم يُكافأ هذا التكيف بالاعتراف، بل بالإقصاء؟ ماذا لو كنت، مثل “عاطف”، بعد 35 عامًا في هولندا، حاصلًا على تعليم عالٍ، وأسست عائلة، وتساهم بشكل قيم في المجتمع، ولكن لا يزال يتم التعامل معك على أنك “العامل الضيف الذي وصل بالأمس”؟
هذه هي مفارقة الاندماج: كلما تكيفت أكثر، كلما تم استبعادك أكثر. إنها حلقة مفرغة لا تسبب الإحباط فحسب، بل تؤدي أيضًا إلى أمراض نفسية. فهي تغذي شعورًا بعدم العدالة والاغتراب، وتقوض الثقة في المجتمع.

نظام الطبقات الهولندي
المجتمع الهولندي يُظهر سمات نظام طبقي. غالبًا ما يتم حبس الأشخاص من أصول مهاجرة في أدوار أو مواقع معينة، بغض النظر عن إنجازاتهم أو طموحاتهم. في سوق العمل، يتم التمييز ضد الهولنديين الجدد ذوي التعليم العالي ويتم توظيفهم في وظائف أقل من مستواهم. وفي السياسة وهياكل السلطة الأخرى، يتم استبعادهم بشكل منهجي.
هذا النظام الطبقي ليس فقط غير عادل، ولكنه أيضًا ضار بالمجتمع ككل. فهو يحد من إمكانات الأفراد ويخلق طبقة دنيا لا يمكنها المشاركة بشكل كامل. إنه نظام يتعارض مع حقوق الإنسان والحق في حياة كريمة.
الوصم والعنصرية
أحد أكبر العقبات أمام الاندماج الحقيقي هو الوصم والعنصرية المستمرة التي يواجهها الأشخاص من أصول مهاجرة. مصطلحات مثل “كوت ماروكانين” (المغاربة اللعينين) و”توركس إن ماروكانس تويخ” (حثالة الأتراك والمغاربة) ليست فقط مهينة، ولكنها أيضًا تعكس مشكلة أعمق: اختزال الأشخاص والمشاكل الاجتماعية في المدن الكبرى إلى أصولهم أو ثقافتهم أو دينهم.
هذا الوصم له عواقب بعيدة المدى. فهو يحد من الفرص، ويغذي التحيزات، ويخلق مناخًا يتم فيه تطبيع التمييز. إنها حلقة مفرغة يصعب كسرها، ولكن يجب كسرها إذا كنا نريد بناء مجتمع عادل وشامل.
دعوة للتغيير
حان وقت التغيير. يجب إعادة النظر في مصطلح “الاندماج”. لا يمكن أن يكون عملية من اتجاه واحد، بل يجب أن يكون عملية متبادلة من التكيف والقبول. يجب على الحكومة أن تعمل بنشاط على مكافحة التمييز وخلق فرص متساوية. وعلى المجتمع أن يتعلم أن يرى الأشخاص من أصول مهاجرة ليسوا كـ”آخرين”، بل كمواطنين كاملي الأهلية.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نعترف بأن الاندماج هو عملية طبيعية. الناس بشكل طبيعي يركزون على وطنهم الجديد ومستقبل أطفالهم. لديهم طموحات، ويريدون تحقيقها، ويريدون أن يتم التعامل معهم بعدالة. علينا أن نضمن ألا يتم إعاقة هذه الطموحات بسبب التحيزات والحواجز الهيكلية.
الخلاصة
مفارقة الاندماج تُظهر أن التكيف وحده لا يكفي. طالما أن المجتمع يرفض قبول الأشخاص من أصول مهاجرة بشكل كامل، سيظل الاندماج ساحة غير متكافئة. حان الوقت للتخلي عن مصطلح “الاندماج” والسعي نحو مجتمع يتمتع فيه الجميع، بغض النظر عن خلفياتهم، بفرص متساوية واحترام.
لنتوقف عن الحديث عن “الاندماج”، ولنبدأ الحديث عن الاعتراف والمساواة والشمول. لنهدم نظام الطبقات ونبني مجتمعًا يمكن للجميع أن يزدهر فيه. الظلم لا يمكن أن يستمر إلى الأبد. كما يقول الإنجيل: “لا تخافوا، لأنه ليس شيء مستور إلا وسيظهر، ولا خفي إلا وسيعرف.” (متى 10: 26).

كتب بواسطة

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *