بقلم : عزه نعيم
جاءت مهروله وجلست على أريكتها قلبها ينبض فرحًا فقد وجدت هاتفها المفقود منذ حقبه طويلة من الزمن . . أو هكذا توهمت ان الساعات والأيام مرت بطيئة بفعل الإنتظار . . اقتحمت أصابعها شاشة هاتفها تتحسسه بلهفة وكلها أمل أن تجد رقم من أحترق قلبها بلهيب شوقها إليه . . تنهدت بعمق فتلاحقت أنفاساها .
تزوجت من ذلك الرجل متجهم الوجه فهو يكبرها بأعوام تكاد تكون نصف عمرها ، ورحلت معه إلى بلد بعيده عن موطنها تاركه حبيب عمرها خلفها جالسًا على أطلال ذكرياتهم معًا . . هي لم تعُد تعرف عنه شيئ .
فجأة قفزت فرحًا كفراشه هائمة يدفعها الهواء وتداعبها نسمات الربيع ، ارتفع صوتها مهللة دون أن تدري . . نعم . . نعم إنه رقمه ظهر أمام عيونها فتفحصته واقتحمت ذهنها أحلى زكريات عمرها معه .
وضعت أصابعها وهى ترتجف خوفًا ألا تكتمل فرحتها ولا تجده يلبى ندائها، وإذ هى ما بين طرقات خليط فرح وخوف يأتى صوته عبر الهاتف مشتعلا مُتلهفًا حبيبتى أين انتِ؟! . . وكأن لم يكن فراقهم من أمس القريب، بينما تتسع عيناها ويتجدد بريقهم بعد زبول دام سنوات على كلماته الرقيقه وهو يُخاطبها مُعاتبًا : لقد أنهكتى قلبى وفقدت عقلى ببعدك عنى.

الكاتبة عزه نعيم
أما هى فقد ضاعت منها الكلمات ولم تجد ما ترد به على هدير موجه الثائر لأشواقه إليها وكلمات عشق من حبيب لم تجد الحنان إلا منه ولا تعرف الفرح إلا معه ولا تتفقد الأماكن إلا من خلاله ولم تشعر بالدفء إلا فى أحضانه . . وإذ به يردد اسمها التى كانت متعطشه له شوقًا أن تسمعه بصوته الدافئ الحنون لتقول له : نعم حبيبى انا معك . . لا تذهب عنى فأنا لا اتحمل قسوة الأيام المتوحشه التى قضيتها بعيده عنك .
يرد مُسرعًا : أريد أن اراكى فورآ ياحبيبتى وبدون تردد أو تفكير قالت له سوف أراك . . سأنتظرك فى حديقتنا التي كانت تجمعنا ونرسم على أشجارها أحلام مستقبلنا معآ . . سنجد على أوراقها أمنياتنا لنحقق مافاتنا من الأيام ، فيأتى صوته إلى آذانها مفعم بشوق وترجى هيا ياحبيبتى هيا ياحبيبتى .
وبينما تقوم لتجرى إلى حبيبها تتعثر فى الوسائد المبعثره وتقع على الأرض فاقدة الوعى وبينما تسترد وعيها شاعره بألم في زراعها وترفع عيناها الثقيلتان لتصطدم بذو الوجه المتجهم والجبين العابس وفمه ذو الرائحه الخبيثه يخرج من دخان السجائر كفم تنين ثائر يريد أن يفترس من أمامه وصوت أجش يقول لها وهو يركلها فى زراعها : ألا يكفيكى نومًا ؟؟ إنهضي لتعدى لى الطعام . . وإذ هى تغادر مخدعها لتسند جسدها النحيل على يديها الذابلتان تقوم لتبدأ يومها مع متجهم الوجه الذى لا تذوق معه طعم لأيام عمرها فهو يستكثر عليها حتي أحلامها و هي في خريف العمر.