بقلم : يحي سلامة
لم يكن يوما ترديد النشيد الوطني وتحية العلم وتملق الرئيس ومغازلة الحكومة دليلًا على الوطنية الصادقة وحب البلد وفى الوقت ذاته لم تكن معارضة الرئيس وإنتقاد الحكومة دليلًا على الخيانة والعمالة وكراهية البلد .
ولكن وحدها المواقف فقط هى من تفرز الأشخاص وتظهرهم على حقيقتهم لتتساقط الأقنعة من فوق الوجوه مع أول إختبار .
والشواهد على ذلك كثيرة وتحتاج إلى مقالات عديدة وإشارات لأشخاص بعينهم سواء من الماضي أو الحاضر .
تابعنا منذ أيام قليلة حرب الـ 12يوم بين إيران وإسرائيل ورغم تباين المواقف السياسية والطائفية إلا أن الكل أجمع على كراهية الكيان الاسرائيلي وتمنى زواله سواء تحقق هذا الحلم على يد إيران أو إحدى الدول السنية أو حتى على يد الهندوس عباد البقر .
ففى الأخير لن تجد مصريًا واحدًا أيا كان انتماءه العقائدي أو السياسي يتعاطف مع هذا الكيان الغاصب.
ولكن لأن هناك من يسعى لأخذ اللقطة والشو الإعلامى بعد انحسار الأضواء عنه على طريقة أذكرونى حتى ولو باللعنات (المهم أن أبقى فى دائرة الضوء)
وها نحن نذكرك لنلقنك درسا فى الوطنية من الماضي وليس الحاضر (حتى لا تكون مزايدة على المواقف )بل ومن الأجانب وليس المصريين (حتى لاتكون مزايدة على الوطنية )بل وأيضا من غير المسلمين (فأنا أعلم حساسيتك تجاه الإسلام والمسلمين ).
أيها المسبح ليل نهار بحب مصر وتكييل المديح للقيادة السياسية وأنك معها قلبا وقالبًا بعدما أنقذت معشوقتك مصر من جحيم الإرهاب وإستعادت البلد من قبضة الجماعة الإرهابية على حد وصفك الدائم.
وأنك لا تبغى من أحاديثك وكلامك غير وجه الوطن (المتمثل فى القيادة السياسية)
يامن خرجت تدعو إلى عدم الشماتة أو الفرحة في إسرائيل نتيجة القصف الصاروخي الإيراني في عمق الكيان بل وأعلنتها صريحة أن إسرائيل باقية رغم أنف الجميع .
أوطنيتك تأمرك بهذا
أولاءك للقيادة السياسية والجيش والشرطة والقضاء يأمرك بهذا (رغم أنك لو سألت مجند بسيط في الجيش عن الحرب المقبلة والعدو المحتمل لقال على الفور إسرائيل دون تفكير أو جهد فما بالك بقيادات الجيش والقيادة السياسية )
أيها الناعق خارج السرب ألم يصل إلى علمك الوفير نبأ من قبلك .
ألم تعرف المحامى اليهودى (شحاتة هارون )والد ماجدة هارون (رئيسة الجالية اليهودية في مصر حاليا )والذي بعث بخطاب إلى الرئيس جمال عبد الناصر يعرب فيه عن مساندته ووقوفه إلى جانب مصر ضد العدوان الثلاثي (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل)عام 1956.
ألم تعرف الممثل الكبير إستيفان روسيتى (والذي ظل يحمل الجنسية الإيطالية حتى وفاته) وقد عرضت عليه إسرائيل مبالغ طائلة ليقوم بالتمثيل فى أفلام إسرائيلية بعد قيام الحكومة المصرية بطرد الأجانب المُقيمين فى مصر فى أوائل الستينيات ورغم إحتياجه الشديد للمال إلا أنه رفض تلك العروض المغرية وأصر على البقاء في مصر ورفض التعاون مع أعداء مصر والتي إعتبرها بلده وموطنه بالإقامة وللعلم لم يجدوا في جيبه يوم وفاته سوى عشرة جنيهات فقط لا غير .
[15:41, 27-06-2025] يحيي سلامه: ألم يأتك نبأ الفنانة الكبيرة ليلى مراد والتى عانت فى منتصف الخمسينيات من إنحسار الأضواء عنها لظروف شخصية وسياسية وأنها رفضت الهجرة إلى إسرائيل (حيث أعمامها وأخوالها هناك )بل ورفضت عروضا من الإذاعة الإسرائيلية وشركات التوزيع هناك لشراء أغانيها وأفلامها وعرضها فى إسرائيل وظلت حتى وفاتها عام 1996 تعتز بمصريتها وديانتها الإسلامية التى إخترتها بنفسها .
ألم يأتك نبأ الممثلة اليهودية (نجوى سالم ) والتى شاركت فى حفلات الترفيه عن الجنود على الجبهة قبل حرب السادس من أكتوبر عام 1973 فاستحقت أن يقوم الرئيس الراحل محمد أنور السادات بتكريمها فى عيد الفن بعد إنتهاء الحرب .
وهناك الكثير والكثير من الأسماء والشخصيات.
وبالتأكيد كان لهؤلاء أقارب وأولاد عمومة أو أو أولاد أخوال وخالات يقاتلون فى صفوف العدو ومنهم من مات فى تلك الحرب .
ولكنهم ورغم صلة الدم والقربى والديانة إختاروا الوقوف إلى جانب الحق ونصروا أخاهم الظالم (ليس بالمعاونة على ظلمه ولكن برفض هذا الظلم وعدم المشاركة فيه حتى ولو بالموافقة والتأييد ) بل وكان فى مقدور هؤلاء أن يعيشوا فى رغد ويتقاضوا أموالا طائلة من دولتهم وبنى جلدتهم وديانتهم ولكنهم أثروا العيش فى الوطن الذى إحتواهم وأواهم وصنع نجوميتهم وأسماءهم اللامعة .
قد فعلوا هم وغيرهم هذا وهم لايرجون جزاءا ولا شكورا ولم يطنطنوا بحب الوطن أو أنهم يعانون سهد العاشقين فى حب مصر ويناجون طيف رئيسها القائد الملهم .
فعلوا ما فعلوه عن إقتناع وبصيرة ورؤية صادقة وفهم حقيقى لمعنى الوطن فى زمن لم تتحول فيه الوطنية إلى أكل عيش وسبوبة وتملق القيادة السياسية لضمان التواجد وتدفق الأموال سواء من الداخل أو الخارج (وأرجو أن تقرأ كلمة الخارج بعناية)
هل فهمت الدرس؟
أم أنك مازلت مصرا على أن ينفد رصيدك حتى مع من تتملقهم وتتزلف إليهم