القائمة

درس السابع من أكتوبر

غرفة الأخبار 18 ساعة مضت 0 1.1 ألف

في صباح السابع من أكتوبر، اهتزت إسرائيل تحت وطأة الحقيقة التي حاولت إنكارها لعقود: أنها ليست مجرد خنجر مغروس في قلب الأمة بل قاعدة عسكرية غربية متقدمة، تحمي مصالح واشنطن ولندن وباريس، وبرلين.

أنا لا اعتبر نفسي محبطا لأني عاصرت ثورة مصرية مأزومة في يناير وما بعدها بل أري نفسي محظوظا وقد كُشف عن عيني كل هذا الغمام وهو ما فعله بالضبط السابع من أكتوبر
إذ رأيت هشاشة المنظومة الأمنية الإسرائيلية، ورأيت أيضًا استنفار الغرب وجنونه غير المسبوق لحمايتها ، لم تهتز إسرائيل وحدها بل ارتعد معها النظام العالمي الذي صنعها وحماها وراهن عليها وسقطت معها اسطورة أن إسرائيل “تحمي نفسها بنفسها”، وأن الدعم الغربي لها ليس سوى تعويض معنوي عن “مظلومية تاريخية”.، فكان ارتباك القوى الغربية أكبر من ارتباكها هي ذاتها.

طار بلينكن وشولتس وسوناك وماكرون إلى تل أبيب، ليس بحجة أن من حقها الدفاع عن النفس بل لأنها “الوكيل العسكري الحصري ” للغرب في قلب المنطقة، الذي لا يُسمح له بالسقوط.
يُقال إن إسرائيل تتلقى 3.8 مليار دولار سنويًا من واشنطن كمساعدات عسكرية، ويعتقد البعض أن هذا عبء ثقيل على الاقتصاد الأمريكي. لكن الحقيقة أن هذا الرقم ضئيل جدًا مقارنة بتكلفة نشر قوة أمريكية دائمة في الشرق الأوسط.

وفقًا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، فإن تشغيل حاملة طائرات أمريكية واحدة مع مجموعتها القتالية في المنطقة يتكلف 6.5 مليار دولار سنويًا، أي أن الدعم الأمريكي لإسرائيل أقل من تكلفة تمركز سفينة واحدة! ولو قررت الولايات المتحدة نشر عشرات الآلاف من الجنود والقواعد الدائمة للحفاظ على مصالحها بنفسها، لكان عليها إنفاق عشرات المليارات سنويًا.

إسرائيل ببساطة هي “الجيش الذي لا يحتاج إلى جنود أمريكيين والحملات الصليبية التي لا تحتاج إلى تعبئة مباشرة “، وهي الحارس الأمين لمصالح الغرب، لكنها تتحمل تكاليف تشغيل نفسها بنفسها، وتقاتل نيابة عن القوى الكبرى، مما يجعلها أرخص استثمار عسكري استراتيجي في العصر الحديث.
كما قال هنري كيسنجر:
“لا توجد سياسة خارجية أمريكية في الشرق الأوسط بدون إسرائيل.”

لكن رغم كل هذه المزايا الاستراتيجية، فإن أحداث السابع من أكتوبر كشفت حقائق خطيرة عن إسرائيل:

  1. الهشاشة الأمنية: إسرائيل التي لطالما تغنت بأنها “الحصن الذي لا يُقهر” بدت كيانًا مترهلًا، تعاني من فجوات استخباراتية وأمنية خطيرة.
  2. الاعتماد المفرط على الدعم الغربي: لم تكن إسرائيل قادرة على الرد الفوري بدون استنفار غير مسبوق من الولايات المتحدة وأوروبا.
  3. تآكل الردع: لأول مرة منذ عقود، بدت إسرائيل في موقف دفاعي، مما قد يشجع أعداءها على اختبارات أخرى في المستقبل.
  4. أزمة داخلية متصاعدة: المجتمع الإسرائيلي نفسه كان يعيش حالة انقسام سياسي واجتماعي، وزادت الصدمة من عمق الشرخ الداخلي.

إسرائيل ليست استثناءً، فهي تقوم على فكرة التوسع الدائم، والعداء المستمر لجيرانها، وهيمنة عسكرية غير قابلة للاستدامة. لا يوجد كيان سياسي في التاريخ بقي على حاله إلى الأبد، خاصة إذا كان محاطًا بأعداء يعتبرون وجوده اعتداءً عليهم.

السابع من أكتوبر لم يكن مجرد ضربة عسكرية، بل كان كسرًا في صورة إسرائيل التي سعت لعقود لإقناع العالم بأنها دولة لا تُهزم. وما كشفه ذلك اليوم قد يكون مقدمةً لزلزال أكبر في مستقبل هذا الكيان.

كتب بواسطة

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *