بقلم | يحي سلامة
يُعتبر فيلم (الكيف ) الذى تم إنتاجه عام 1985 من أهم الأفلام التي عالجت قضية المخدرات، ولا أبالغ في القول أنه يكاد يكون الفيلم الوحيد الذى لم يقف عند حدود تجارة المخدرات والمطارات البوليسية المعهودة في سينما هذا النوع من الأفلام، بل تعدى ذلك إلى تقديم نوع جديد وهو سينما تصنيع المخدرات الكيميائية بفضل التركيبة التي ابتكرها دكتور صلاح الكيميائى (يحى الفخرانى ) في الفيلم .
وهذه التركيبة ودخول الكيمياء على خط سينما المخدرات بعد إعتمادها على المواد المخدرة المزروعة (الحشيش والأفيون) يعد نقلة نوعية في سينما المخدرات بل وأقول أنه بهذا الخط كان فيلما طليعيا تنبأ فيه طاقم العمل بمستقبل تصنيع المخدرات باستخدام الكيمياء .
فما نراه اليوم من تصنيع مخدر الأيس ومخدر الشابو وغيرهما من المواد المخدرة التي غزت شبابنا في الفترة الأخيرة تنبأ به الفيلم وهانحن بعد أربعين سنة من عرض الفيلم نعانى ويعانى المجتمع من انتشار هذه المواد كالنار في الهشيم بين فئات الشباب الذين لم ينضموا إلى طائفة المدمنين فحسب بل دفعهم ذلك الإدمان لهذه الأنواع الجديدة من المخدرات إلى دائرة الإجرام الواسعة بدءًا من السرقة (التي عادة ما تبدأ بسرقة الأهل للحصول على ثمن المخدر )فالشاب وقتها يسرق ماتصل إليه يداه سواء كان نقودا أو مشغولات ذهبية أو هاتف محمول وينتهى به الحال أن يسرق أوانى الطهى من المطبخ ويبيعها للحصول على ثمن المخدر .
هذا طبعًا قبل أن يتحول إلى لص مُحترف يسرق ما يقع تحت يديه حتى لو كان أغطية البالوعات في الشوارع وهى الظاهرة التي انتشرت أخيرًا وقد يلجأ البعض إلى ممارسة البلطجة وقطع الطريق وتثبيت الآخرين للحصول على أموالهم هواتفهم المحمولة وفى بعض الأحيان يلجأ البعض للتسول وإستعطاف المارة بإختلاق قصص درامية مؤثرة من نوعية (عاوز أجرة المواصلات أو عاوز أشترى أكل ) وغيرها من القصص التى تثير التعاطف والشفقة .
وبالتأكيد قد صادفنا مثل هذه النماذج فى تنقلاتنا اليومية .
والحقيقة أن الجميع يدفع ثمن هذا الإدمان بداية من الشاب المدمن نفسه الذي يدمر حياته حرفيا ويسير في طريق الضياع واللاعودة (إلا مارحم ربى ) وكذلك الأسرة التى تعانى أشد المعاناة مع إبنها المدمن التي يضيق عليها الخناق يومًا بعد يوم بعد استنفاذها وسائل النصح والتقويم، بل حتى وسائل العلاج في مصحات معالجة الإدمان لم تنجح في أغلب الأحوال في علاج الشاب المدمن الذى عادة ما يلجأ للهروب من تلك المصحات ليعاود نشاطه في الإدمان وعالم الجريمة والتسول .
وبالطبع لا يتوقف قطار المعاناة عند حدود الأسرة بل يمتد إلى المجتمع كله .
فأصبحنا نطالع كل ساعة ولا أقول كل يوم أنباء عن حوادث سرقة وخطف وبلطجة وقتل واغتصاب حتى الأطفال بل وإمتد إلى القطط والكلاب والتحرش بهم وهى حوادث طارئة على المجتمع المصري .
وبالطبع لا يجب التوقف عند المشكلة ولابد من المواجهة وتقديم حلول والتفكير خارج الصندوق .
وهذا موضوع المقال القادم باذن الله تعالى