بقلم: الإعلامية دكتوره: ماجدة محمود عبد العال
في ليلٍ يثقل أنفاس الشرق الأوسط…وفي سماءٍ تتراقص فيها الطائرات المسيّرة كأشباح الحرب…يشتعل صراعٌ خفيٌّ منذ سنوات، لكنه اليوم يخرج إلى العلن،صارخًا كقذيفة في صحراء موحشة.
إسرائيل وإيران… خصمان لا يتواجهان مباشرة، لكنهما يتبادلان اللكمات عبر العواصم، ويحوّلان ساحات الآخرين إلى ميادين تصفية حسابات..كل قنبلة تحمل رسالة…كل تصريح سياسي يُخفي تهديدًا مموّهًا…وكل يوم يمر، تقترب فيه المنطقة أكثر من حافة الهاوية.
هل نحن أمام مواجهة عابرة؟ أم بداية حرب تغير وجه الشرق الأوسط إلى الأبد؟
تصعيد مستمر يهدد استقرار المنطقة
خلال الأشهر الأخيرة، شهدت العلاقة المتوترة بين إسرائيل وإيران تحولًا نوعيًا من التصريحات والعمليات السرية إلى مواجهات عسكرية محدودة ولكن علنية. وبينما تتابع القوى الدولية بقلق بالغ، تتزايد المخاوف من تحول هذه المواجهة إلى صراع مفتوح يعصف باستقرار الشرق الأوسط بأكمله.
خلفية الصراع: عقيدة وتمدّد ونفوذ
منذ الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، تبنّت طهران نهجًا عدائيًا تجاه إسرائيل، ووصف قادتها مرارًا الدولة العبرية بأنها “ورم سرطاني” يجب استئصاله. في المقابل، ترى إسرائيل أن إيران تشكل التهديد الأكبر على أمنها القومي، خصوصًا بعد توسع نفوذها العسكري والسياسي في سوريا ولبنان والعراق واليمن.
العداء لم يكن فقط خطابيًا، بل اتخذ أبعادًا عملياتية واضحة، تمثّلت في دعم إيران لحركات مقاومة مثل “حزب الله” و”حماس”، وردّ إسرائيل بضربات جوية متكررة داخل سوريا وعلى حدود لبنان، ومؤخرًا… داخل الأراضي الإيرانية نفسها.
تحول دراماتيكي في طبيعة المواجهة
في أبريل 2025، ضربت إيران العمق الإسرائيلي بصواريخ ومسيرات، ردًا على استهداف مراكز حساسة لها في دمشق وطهران. جاء الرد الإسرائيلي قاسيًا، عبر سلسلة ضربات مركّزة أصابت منشآت عسكرية ومواقع نووية داخل إيران، في تصعيد غير مسبوق وصفه خبراء بأنه “نقلة نوعية في قواعد الاشتباك”.
لم يعد الصراع مقتصرًا على الأطراف الثالثة، بل دخل مرحلة المواجهة المباشرة، وهو ما يرفع من وتيرة الخطر ويضع المنطقة أمام احتمالات مفتوحة.
تحليل خبير: حرب النفوذ لا تُخاض بالصواريخ فقط
في تصريح خاص للمقال، يقول د. سامي خليل، الباحث في العلاقات الدولية:
“ما يجري الآن بين إسرائيل وإيران ليس مجرد تبادل ضربات، بل هو صراع مركّب على النفوذ الإقليمي والسيادة الاستراتيجية. الخطورة تكمن في أن الطرفين يرفضان التراجع، ما يجعل أي خطأ تكتيكي قد يتحول إلى حرب شاملة لا يُعرف متى ولا كيف تنتهي.”
ثلاثة سيناريوهات محتملة للصراع:
- حرب بالوكالة مستمرة
من المرجّح استمرار المواجهة في شكل عمليات غير مباشرة في سوريا ولبنان والعراق، عبر وكلاء الطرفين، بما يضمن الحفاظ على خطوط التوتر دون تفجيرها تمامًا. - تصعيد إقليمي شامل
في حال تكررت الضربات المباشرة ووقعت خسائر كبيرة في صفوف المدنيين، قد تنجرّ أطراف كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا إلى الصراع، خاصة في ظل التوتر بالخليج ومضيق هرمز. - تدخل دولي لفرض تسوية
تسعى أطراف مثل الصين، وسلطنة عُمان، وتركيا، إلى لعب دور الوسيط. وقد تكون هناك تسوية مؤقتة تقوم على التزامات إيرانية بتقليص برنامجها النووي، مقابل ضمانات أمنية لوقف الضربات الإسرائيلية.
على شفا حرب… أو سلام هش؟
الصراع الإسرائيلي الإيراني ليس جديدًا، لكنه اليوم بلغ درجة من الخطورة لم تبلغها المنطقة منذ حرب الخليج. وفي غياب مبادرات سلام حقيقية، يبدو الشرق الأوسط وكأنه يمشي على حافة شفرة، حيث كل تحرك غير محسوب قد يشعل فتيل كارثة إقليمية واسعة.
يبقى الأمل معلقًا على قدرة الأطراف الدولية على كبح جماح التصعيد، وعودة منطق المصالح إلى طاولة القرار… قبل أن يتكلم البارود.
⸻
Email. magy-news@hotmail. com