القائمة

المتحف الكبير وشعرة معاوية بين الحلال والحرام | أول متحف حلال في التاريخ

غرفة الأخبار أسبوع واحد مضت 0 6.4 ألف

في زمنٍ تتسابق فيه دول العالم لعرض ما تملكه من آثار بعضها مسروق وبعضها مُهرّب أو مُقلد يبقى المتحف المصري الكبير متفرّدًا بخصوصيته ونقائه فهو المتحف الوحيد في العالم الذي تم وصفه بـ”الحلال”، لأن كل قطعة تُعرض داخله خرجت من رحم الأرض المصرية، شرعية النشأة، نقية الأصل، موثقة بالدلائل والأبحاث، لا تشوبها صفقة مظلمة ولا عملية نهب عبر الحدود.

على مدى قرون، امتلأت متاحف العالم بآثار مسروقة من مصر، حملها المستعمرون أو التجار بطرق ملتوية ومع ذلك، ما زالت الأراضي المصرية تكتشف يومًا بعد يوم كنوزًا جديدة، لتؤكد أن الحضارة هنا لا تنضب، وأن الخير ما زال كامنًا في باطنها، ينتظر من يُخرجه بعلمٍ وشرف.

وإذا كانت أهداف الدولة من هذا المشروع العملاق ترويج السياحة بوصفها أحد أهم مصادر الدخل القومي، فإن الجانب الأعمق والأكثر دلالة هو ترسيخ أن الحضارة أصلها مصرية، والعراقة عنوانها مصر.
فما نراه في افتتاح المتحف الكبير من تنظيم، وهيبة، ورقي في استقبال قادة وزعماء العالم، ليس حدثًا عابرًا، بل صورة حضارية تستحق الثناء لا الاستثناء، لأنها تضع مصر في موقعها الطبيعي كمنارة للتاريخ ومهدٍ للحضارة وقد اوضحته الحفل في عدة رسائل مباشرة وغير عن الزيف والتدنيس والأجندات المعادية وكذلك هيمنتنا التاريخية والتي تثبت احقيتنا في مياه النيل وانه هبة مصر و المصريين وبصراحة اكثر ما اعجبني رفع الجبهة رأيت فيها كرامة وعزة اتمنى هيمنتها في كل الأصعدة لأنها إنفرادا حقيقيا لأصول متاصلة في الشعب المصري .

لكن في خضم هذا الفخر، يختلط لدى البعض التحف بالتعبد، والتمثال بالعقيدة فيرون أن الالتفاف حول تماثيل الفراعنة عودة إلى الوثنية وهذا فهم قاصر، لأن الحضارة ليست دينًا بل هوية، والتاريخ ليس عبادة بل ذاكرة أمم ولو حكمنا على الأمم بعقائد من سبقهم، لعُدنا جميعًا كفارًا كما كان العرب قبل الإسلام!

إن الوعي الحقيقي يبدأ من التعليم، من مناهج تُفرّق بين العقيدة والحضارة، وتُعلّم الأجيال أن دراسة الفراعنة ليست تمجيدًا للأصنام، بل فخرًا بجذورنا التي أنتجت العلم والفن والنظام قبل آلاف السنين فنحن لا “نُبارك” الأصنام بل”نُروّج” للأنتيك الأصيل الخالي من أي شبهة دينية، لأن كل ذلك الفكر انتهى بظهور الإسلام واكتمل بنزول الوحي، وبقي التراث شاهدًا على مجد إنساني لا أكثر.

للأسف، لم تراعِ بعض وسائل الإعلام ولا اتجاهات الموضة هذا البعد العميق، فصارت بعض الفتيات محجبات كن أو غير ذلك يغيّرن صورهن إلى صور ملكات فرعونيات عاريات، دون وعي بأن العاريات في تلك الحقبة لم يكنّ ملكات بل جوارٍ، وكذلك فعل بعض الشباب بتقليد صور العبيد الذين كانوا يحملون العربات الملكية، وهم يظنون أنهم يجسدون عظمة التاريخ.

الاحتفالات بالمتحف الكبير جميلة، والاهتمام بالفن والتاريخ واجب وطني، لكن الوعي والثقافة ما زالا بحاجة إلى “شعرة معاوية” تلك المسافة الحكيمة بين الحلال والحرام، بين الاعتزاز بالحضارة دون المساس بالعقيدة، وبين التفاخر بالماضي دون نسيان الحاضر.

فالمتحف الكبير ليس مجرد مبنى، بل رمز لهوية شعبٍ لم يُعبد فيه الصنم، بل أُكرم فيه الإنسان، وكرّم فيه التاريخ، وتُوّج فيه الوعي.

كاتب

  • تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

كتب بواسطة

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *