القائمة

الشفرة النوبية | نصر أكتوبر 73 بأسرار ومفاجئات 4-10

غرفة الأخبار 4 سنوات مضت 0 3.7 ألف

‏ ‏ * تواصل شبكة “تايم نيوز أوروبا بالعربي” مُشاركة أفراح المصريين والعرب في العالم بالذكرى الـ “48”، الغالية؛ على انتصار أكتوبر/ تشرين الأول عام 1973؛ وبهذه المناسبة الخالدة، ولأنها ذكرى ل”أقوى انتصار عربي” في تاريخنا الحديث؛ نفتح “ملف النصر” بأهم أسرار نجاحاته وتحدياته. *

‏ ‏معلومة “خطيرة” أخبروا بها الرئيس السادات خلال الشهر الأول فقط من جلوسه على كرسي الحكم؛ وهي أن كل شفرات أوامر “ضرب النار” الخاصة بكبار الضباط على جبهة القتال “معروفة” تماماً لدى الجيش الإسرائيلي، ومن هنا جاءت توجيهاته، خلال التخطيط النهائي لحرب أكتوبر/ تشرين الأول، 1973؛ بـ “ضرورة” إيجاد “شفرة” جديدة، لا يستطيع العدو معرفتها، حتى لو علم بها!!

تايم نيوز أوروبا بالعربي | القاهرة – عباس الصهبي:

الشاويش أحمد إدريس.. وجدها؟! عرف الحل الذي حيَّر كبار الضباط! فبمجرد أن سمع عن البحث عن شفرة جديدة، تخفى عن العدو، ولا يستطيع فهمها حتى ابتسم في ثقة وأخبر قائده بأن تكون الشفرة باللغة “النوبية”، التي يتم بها الحديث دون أن يمكن لأحد كتابتها! “السادات”.. يعلم بـ “الفكرة”!

وبسرعة، تمَّ تصعيد خبر إمكانية استعمال اللغة النوبية لتحقيق “الشفرة” المطلوبة حتى وصل إلى سمع الرئيس محمد أنور السادات؛ فوجدها الرئيس “العبقري” فكرة “عبقرية”، ولكنه أراد أن يتأكد بنفسه من الشاويش أحمد إدريس! ‏ولما كان السادات يخشى أن يصل لعلم المخابرات الإسرائيلية قصة لقائه بالشاويش النوبي الأصل، خاصةً وأنه كان معروفاً وجوده في ذلك الوقت باستراحة الإسماعيلية للتباحث مع كبار قيادات الجيش حول أمور عسكرية هامة، تتعلق بالتخطيط للحرب؛ فإنه طلب أن يأتي إليه الشاويش أحمد إدريس مكبلاً بالحديد، وبدون تعريفه هو شخصياً بأنه سيقابل رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة؛ وبحيث لا يعرف كل من حوله، ولا حتى هو؛ سبب إلقاء القبض عليه وكأنه قد ارتكب جريمة عسكرية نكراء؛ لكي لا يعرف أحد ‏السر الحقيقي وراء خروجه من وحدته العسكرية في ذلك الوقت، ولا من سيلتقي به! اقتياده مكبلاً.. للرئيس!

وقد روى “أحمد إدريس” بنفسه ماحدث معه بعد القبض عليه، ولقائه بالرئيس السادات، فقال إنه التقى بالرئيس السادات ولم يكن يعلم شيئاً عن المقابلة قبلها؛ بسبب أنه تم اقتياده “مكبلاً” إلى مكان مجهول، لا يعلمه، حتى جاء فى ظنه واعتقاده أنه تم التحفظ عليه مع “الجواسيس” الذين يقيدونهم بنفس الطريقة؛ غير أنه بعد ذلك أخبروه بأنه سيقابل الرئيس السادات، وهو ما زاد من قلقه وخوفه! ‏وقد عبَّر عن تلك اللحظة التاريخية “الفارقة” في حياته، قائلاً: ‏- كنت مرعوباً، وانتظرت أكثر من ساعة وأنا لا أدرى ماذا أقول عندما أقابل رئيس جمهورية!

وأضاف: ‏- عندما دخلت للرئيس ألقيت التحية العسكرية، فوضع يده على كتفى، وقال لى: “اقعد ياابنى”، وبعدها فقط شعرت بالاطمئنان النفسى، ثم سألنى: إيه حكاية اللغة النوبية، فقلت له “لكنة” تُسمع ولا تُقرأ، وثانياً “الإرسال” سيكون ب”النوبي”، و”الاستقبال” كذلك! ‏ وفور ذلك، ومازال الكلام لـ “أحمد إدريس”؛ ضحك “السادات” بطريقة هيستيرية، ولما وجدته ضحك هكذا قلت فى نفسى الرئيس يستهزئ بى، فسألته: هل أنا قلت لا سمح الله “حاجة وحشة”؛ فقال لى: “لأ”، وبعدها أشعل “البايب”، ووضع يده الشمال فوق دماغه، وظل يضحك لمدة ربع ساعة، ثم قال لى: خلاص “هنمشِّى” كلامك، فقلت له: نُحضر الناس اللى اتربوا فى “النوبة” القديمة، وبالذات الموجودين في سرايا حرس الحدود؛ لأن من وصل منهم أسوان بعد عام 1964 فى الهجرة لم يتعلموا لغة النوبة، وأيضا أوضحت للرئيس أن اللغة النوبية تنقسم إلى قسمين: “الفاديجا” و”كاجو”، ونبَّه الرئيس عليَّ أن الكلام سر، وقال لى بالحرف الواحد: “إوعى السر يطلع، حتى ولو لمراتك، لو طلع سأحاكمك، وخصوصاً مراتك “إوعى” تقوله لها لأن الستات يحببن الكلام الكثير والثرثرة!

“سر” إعلانه مؤخراً.. “السر”!

وقد علَّق “إدريس” على كل ذلك، بقوله إنه حفظ السر ما يزيد على “40” سنة، حتى أنه لم يثرثر به مع أحد من أسرته، ولم يعلن عنه إلا في عام فى 2010؛ ليبيِّن أنه صاحب استخدام اللغة النوبية أثناء حرب أكتوبر، وذلك لأنه كان هناك شخص ظهر فى عدد من القنوات التليفزيونية وادعى أنه صاحب هذا الاقتراح، واتضح أنه لا يعرف اللغة النوبية أصلاً، بل ولم يلتحق بالجيش من الأساس! ‏تجدر الإشارة إلى أن الصول العبقري أحمد محمد إدريس؛ مقاتل مصري من مواليد قرية “توماس وعافية” بالنوبة، والتابعة لمحافظة أسوان جنوب مصر، وقد ولد عام 1935، وكان قد تطوع بالقوات المسلحة عام 1954، وحضر حرب العدوان الثلاثي على مصر، ثم ظل في صحراء سيناء منذ عام 1957 حتى حرب اليمن، وبعدها شارك في حرب 1967، وقد خرج من الخدمة العسكرية في عام 1994، وتم تكريمه عام 2017 من الرئيس عبد الفتاح السيسي بوسام “النجمة الذهبية”، وتم إخراج فيلم تسجيلي عن الخدعة أُطلق عليه اسم ” الشفرة.

وفي يوم “21” سبتمبر/أيلول، الماضي، 2021؛ أعلنت أسرته عن وفاته؛ وتم دفنه بمقابر الأسرة بمنطقة “كينج ماريوت”، بالإسكندرية؛ وكان ذلك في نفس اليوم الذي كان قد رحل في ساعة مبكرة منه المشير محمد حسين طنطاوي، وهو ابن “النوبة” أيضاً، وأحد أبطال العبور العظيم؛ ففقدت مصر، وفي يوم واحد؛ اثنين من عظماء قواتها المسلحة، رحمهما الله، وجعل في ميزان حسناتهما ما قدماه لمصر.

كاتب

  • تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

كتب بواسطة

تعمل أسرة تحرير شبكة تايم نيوز أوروبا بالعربي بفريق عمل يسعى جاهداً على مدار 24 ساعة طوال الأسبوع لنشر أخبار عربية وعالمية، ترصد أخبار الوطن العربية لعرب المهجر وتضعهم في بؤرة اهتماماتها الأولى

اترك تعليق

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *